وتفرد أبو حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - بإظهاره. ووجهه أن مراد المتكلم الرد عن تلك الضربة والخرجة عرفا، ومبنى الأيمان عليه..
ولو قال له رجل اجلس فتغد عندي، فقال: إن تغديت فعبدي حر فخرج فرجع إلى منزله وتغدى لم يحنث، لأن كلامه خرج مخرج الجواب، فينطبق على السؤال، فينصرف إلى الغداء المدعو إليه. بخلاف ما إذا قال: إن تغديت اليوم، لأنه زاد على حرف
ــ
[البناية]
فخرج من فوره، أي من ساعته، وفي " الفوائد الظهيرية ": سميت بهذا الاسم باعتبار ثوران الغضب.
م:(وتفرد أبو حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - بإظهاره) ش: أي لم يبينه أحد فيه، وكانوا يقولون اليمين على نوعين مطلقة ومقيدة بوقت فاستنبط أبو حنيفة فيها قسمًا ثالثًا وهي مطلقة لفظًا ومؤقتة معنى وإنما أخذها من حديث جابر بن عبد الله - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وابن جبير دعيا إلى نصرة إنسان فحلفا أن لا ينصراه ثم نصراه بعد ذلك لم يحنثا وأقر في ذلك العرف ومبنى الأيمان على العرف.
م:(ووجهه) ش: أي ووجه هذا الكلام م: (أن مراد المتكلم الرد عن تلك الضربة) ش: في قوله إذا أراد رجل ضرب عبده م: (والخرجة) ش: في قوله إن خرجت فأنت طالق م: (عرفًا) ش: يعني من حيث العرف م: (ومبنى الأيمان عليه) ش: أي على العرف وحاصل الكلام أن قصد الزوج في مسألة الخروج منعها من الخروج الذي شبهت قوله فصار كأنه قال: إن خرجت هذه الخرجة فقصدت اليمين بتلك الخرجة، وكذلك قصده أن يمنع مولى العبد عن الضرب الذي تهيأ له، فكأنه قال: إن ضربت هذه الضربة التي تهيأت لها فتعينت اليمين بتلك الضربة بدلالة الحالة عرفًا.
م:(ولو قال له رجل اجلس فتغد عندي، فقال إن تغديت فعبدي حر فخرج فرجع إلى منزله) ش: وفي بعض النسخ فخرج إلى منزله م: (وتغدى لم يحنث) ش: أي في الاستحسان، والقياس أن يحنث، وهو قول زفر والشافعي -رحمهما الله لأنه عقد يمينه على مطلق الغد يتناول كل غد، كما لو قال ابتداء والله لا أتغدى.
ووجه الاستحسان وهو قوله م:(لأن كلامه خرج مخرج الجواب) ش: بكلامه م: (فينطبق على السؤال، فينصرف إلى الغداء المدعو إليه) ش: فصار كأنه قال إن تغديت الغداء الذي دعوتني إليه فانصرف يمينه إلى ذلك الغد دلالة الحال.
م:(بخلاف ما إذا قال إن تغديت اليوم، لأنه زاد على حرف الجواب) ش: لأنه ينصرف كلامه إلى الغداء المدعو إليه فلا يتقيد يمينه بذلك، فلا يجعل في كلامه بانيًا على سؤال الرجل م:(فيجعل مبتدئًا) ش: في الكلام محترزًا عن إلغاء الزيادة التي تكلم فيها.
فإن قيل: ليس كذلك بأن الله تعالى قال: {وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَامُوسَى}[طه: ١٧]{قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى}[طه: ١٨] .... (طه: الآية ١٨) ، فقد زاد على قدر الجواب، ومع ذلك جعل مجيبًا لا سيدًا. قلنا كلمة ما مستعمل للسؤال على الذات والسؤال عن الصفات، ولما استعمل