للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن عني النهار خاصة دين القضاء، لأن اليوم مستعمل في النهار أيضا، وعن أبي يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ - أنه لا يصدق في القضاء، لأنه خلاف المتعارف ولو قال ليلة أكلم فلانا فهو على الليل خاصة، لأنه حقيقة في سواد الليل كالنهار للبياض خاصة، وما جاء استعماله في مطلق الوقت

ولو قال: إن كلمت فلانا إلا أن يقدم فلان، أو قال: حتى يقدم فلان أو قال: إلا أن يأذن فلان، أو حتى يأذن فلان فامرأته طالق، فكلمه قبل القدوم أو الإذن حنث. ولو كلمه بعد القدوم والإذن لم يحنث، لأنه غاية

ــ

[البناية]

م: (وعن أبي يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ - أنه لا يصدق في القضاء، لأنه خلاف المتعارف) ش: أي لأن كون النهار مرادا من يوم قرن بفعل لا يمتد، خلاف القرون في العرف م: (ولو قال ليلة أكلم فلانًا) ش: فامرأته طالق.

م: (فهو على الليل خاصة، لأنه حقيقة في سواد الليل كالنهار للبياض خاصة، وما جاء استعماله) ش: أي استعمال الليل م: (في مطلق الوقت) ش: وفي " المبسوط " الليل ضد النهار، قال الله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً} [الفرقان: ٦٢] (النحل: الآية ٦٢) ، كما أن النهار مختص بزمان الضياء فكذا الليل يختص بزمان الظلمة والسواد.

فإن قلت: الليل مستعمل لمطلق الوقت أيضًا، قال الشاعر:

وكنا جئنا كل بيضاء شحمة ... ليالي لاقينا جذام وحمير

والمراد مطلق الوقت لا الملاقاة للمحاربة وهي تقع ليلًا ونهارًا، والظاهر كونها في النهار، وبعده.

سقيناهم كأس سقينا بمثلها ... ولكنهم كانوا على الموت أصبرا

قلت: الشاعر ذكر الليل بلفظ الجمع وأحد العددين إذ ذكر بلفظ الجمع يقتضي دخول ما بإزائه من العدد. قال الله عز وجل {ثَلَاثَ لَيَالٍ} [مريم: ١٠] وقال {ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا} [آل عمران: ٤١] (آل عمران: الآية ٤١) ، والقصة واحدة، وكلامنا في المفرد.

م: (ولو قال إن كلمت فلانًا إلا أن يقدم فلانًا، أو قال حتى يقدم فلان، أو قال إلا أن يأذن فلان، أو حتى يأذن فلان فامرأته طالق، فكلمه قبل القدوم) ش: أي قبل قدوم فلان م: (أو الإذن حنث) ش: أي أو كلمه قبل الإذن حنث م: (ولو كلمه بعد القدوم والإذن لم يحنث، لأنه غاية) ش: أي لأن كل واحد من القدوم والإذن غاية، وكلمة " حتى " للغاية، قال تعالى: {حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} [القدر: ٥] (القدر: الآية ٥) . وأما كلمة " إلا " ها هنا بمعنى الغاية، لأن حقيقة الاستثناء غير مرادة لتعذر استثناء الإذن والقدوم في الكلام، لأنهما ليسا من جنسه، فجعل مجازًا عن الغاية لما بين الاستثناء والغاية من المشابهة من حيث إن الحكم بعد كل واحد منهما يخالف الحكم قبله.

<<  <  ج: ص:  >  >>