أما الذبح والضرب ففعل حسي يعرف بأثره، وبالنسبة إلى الآمر بالتسبيب مجازا فإذا نوى الفعل بنفسه فقد نوى الحقيقة فيصدق ديانة وقضاء، ومن حلف لا يضرب ولده فأمر إنسانا فضربه لم يحنث في يمينه؛ لأن منفعة ضرب الولد عائدة إليه وهو التأدب والتثقف فلم ينسب فعله إلى الآمر بخلاف الأمر بضرب العبد، لأن منفعة الائتمار بأمره عائدة إلى الآمر، فيضاف الفعل إليه.
ومن قال لغيره: إن بعت لك هذا الثوب فامرأته طالق فلبس المحلوف عليه ثوبه في ثياب الحالف فباعه ولم يعلم لم يحنث، لأن حرف اللام دخل على البيع فيقتضي اختصاصه به، وذلك بأن يفعله بأمره إذ البيع يجري فيه النيابة ولم يوجد
ــ
[البناية]
م:(وأما الضرب) ش: أي ضرب العبد م: (والذبح) ش: أي ذبح الشاة م: (ففعل حسي يعرف بأثره) ش: ولا يحتاج فيه إلى الآمر، حتى يكون ضربًا أو ذبحًا م:(والنسبة إلى الآمر) ش: أي نسبة الفعل إلى الآمر م: (بالتسبيب) ش: أي سبيل التسبيب م: (مجازًا، فإذا نوى الفعل بنفسه فقد نوى الحقيقة، فيصدق، ديانة وقضاء) ش: وإن كان في ذلك تخفيف له. وقيل ذكر القضاء في مسألة الضرب رواية في الطلاق، لأنه في الموضعين إذا نوى المباشرة فقد نوى حقيقة كلامه فيصدق قضاء في الفصلين. و [به] قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -.
م:(ومن حلف لا يضرب ولده فأمر إنسانًا فضربه، لم يحنث في يمينه، لأن منفعة ضرب الولد عائدة إليه) ش: أي إلى الولد م: (وهي) ش: أي المنفعة المذكورة م: (التأدب والتثقف) ش: يقال ثقفت الرمح فتثقف، أي سويته فاستوى.
حاصله أن يتأدب ويسلك الطرائق الحميدة، ويختار السير الصالحة ويتجنب الأفعال المستقبحة ويترك البزى والشهوة، فذلك منفعة خالصة للولد، وإن كان فيه منفعة للوالد أيضًا هاهنا فلم يجعل ضرب المأمور كضرب الآمر م:(فلم ينسب فعله إلى الآمر. بخلاف الآمر بضرب العبد لأن منفعة الائتمار) ش: أي الانقياد بأوامره والإطاعة للمولى عائدة إلى الآمر م: (بأمره فيضاف الفعل إليه) ش: أي إلى الآمر، أي لأن ضرب المأمور كضرب المولى فيحنث بضرب المأمور.
م:(ومن قال لغيره: إن بعت لك هذا الثوب فامرأته طالق، فلبس المحلوف عليه ثوبه) ش: أي أخفاه م: (في ثياب الحالف فباعه) ش: أي الحالف والحالف أنه لم يدر م: (ولم يعلم لم يحنث، لأن حرف اللام دخل على البيع فيقتضي اختصاصه به) ش: أي يقتضي اختصاص الفعل بالمحلوف عليه م: (وذلك بأن يفعله بأمره) ش: سواء كان العين مالكية أو لا م: (إذ البيع يجري فيه النيابة ولم يوجد) ش: أي الآمر، فلا يحنث، لأن تقدير الكلام إن بعت ثوبًا يومًا بوكالتك أو بأمرك ولم يوجد.
والأصل في معرفة ذلك أن يعرف أن اللام قد تكون للتمليك نحو المال لزيد، وقد تكون للتعليل نحو فعلت هذا لمرضاتك، أي لأجل ابتغاء مرضاتك، فلا يصرف لأحدهما إلا بوجود المرجح أو لتعذر صرفه إلى الآخر.