للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا شهدوا يسألهم الإمام عن الزنا ما هو وكيف هو وأين زنى ومتى زنى وبمن زنى؛ لأن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - استفسر ماعزا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عن الكيفية، وعن المزنية

ــ

[البناية]

وفي رواية قال: رأيتهما تحت لحاف واحد، يخفضان ويرفعان ويضطربان اضطراب الخبزان، وفي رواية: رأيت رجلا أفعى وامرأة صرعى ورجلين محضونتين واسته تجيء وتذهب ولم أر ما سوى ذلك. فقال عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: الله أكبر، الحمد لله الذي لم يفضح واحدا من أصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

م: (فإذا شهدوا) ش: أي شهد بالزنا الشهود. م: (يسألهم الإمام عن الزنا ما هو) ش: أي حقيقة الزنا وماهيته [....] ، لأن من الناس من يعتقد كل وطء حرام أنه زنا، كوطء الحائض، والنفساء، والأمة المجوسية، والأمة المشتركة، والأمة التي هي أخته من الرضاع. فإن كل ذلك حرام وليس بزنا، ولأن الشرع سمى فعل الحرام فيما دون الفرج زنا مجازا، بقوله: العينان تزنيان وزناهما النظر، واليدان تزنيان وزناهما البطش، والرجلان تزنيان وزناهما المشي، والفرج يصدق ذلك أو يكذب.

والحد لا يجب إلا بالجماع في الفرج، ألا ترى أنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - استفسر ماعزا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إلى أن ذكر الكاف والنون أراد به قوله أنكتها، لأن ذلك صريح في الوطء، والباقي كناية عنه، وأيضا يمكن أن يسمي الشهود مقدمات الزنا زنا ويجب الاحتراز عن مثل ذلك.

م: (وكيف هو) ش: أي يسألهم أيضا عن كيفية الزنا للاحتراز عن مثل ذلك عاس الفرجين من غير إيلاج. ألا ترى أنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - استفسر ماعزا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عن كيفية الزنا، فقال كالميل في المكحلة، والرشاد في البئر، وقيل للاحتراز عن صورة الإكراه، لأن وطء المكره لا يوجب الحد. م: (وأين زنى) ش: أي يسألهم عن المكان بقوله: أين زنا فإنه احتراز عن الزنا في دار الحرب، لأن المسلم إذا زنا في دار الحرب ثم خرج إلينا لا يحد لأنه لم يمكن الإمام على بدنه عند وجوب الحد.. م: (ومتى زنى) ش: أي يسألهم عن الزمان فقوله متى زنى كأنه احترز عن زنا متقادم والشهود إذا شهدوا بذلك لا يقبل، واحترز أيضا عن وطء الصبي والمجنون لأن فعلهما لا يوصف بالحرمة. م: (وبمن زنى) ش: أي يسألهم بمن زنى، يعني المزنية من هي.

فإنه احتراز عن الوطء الواقع في محل يكون الوطء فيه بشبهة لا يعرفها الواطئ، ولا الشهود: كجارية الابن، ويجوز أن تكون الموطوءة امرأة الواطئ، أو جاريته ولا يعلمها المشهود.

م: (لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - استفسر ماعزا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عن الكيفية وعن المزنية) ش: هذا أخرج أبو داود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عن يزيد بن نعيم عن أبيه نعيم بن هزال، قال: «كان ماعز بن مالك - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يتيما في حجر أبي، فأصاب جارية من الحي فقال له أبي: ائت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأخبره بما صنعت لعله يستغفر لك قال: فأتاه فقال: يا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إني زنيت، فأقم علي كتاب الله فأعرض

<<  <  ج: ص:  >  >>