للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولنا قَوْله تَعَالَى {فَاجْلِدُوا} [النور: ٢] جعل الجلد كل الموجب رجوعا إلى حرف الفاء أو إلى كونه كل المذكور. ولأن في التغريب فتح باب الزنا لانعدام الاستحياء من العشيرة، ثم فيه قطع مواد البقاء فربما تتخذ زناها مكسبة وهو من أقبح وجوه الزنا، وهذه الجهة مرجحة لقول علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -

ــ

[البناية]

لأن الزنا إنما يكون بالمصاحبة والمحادثة مع الأحباب عند فراغ القلب، والغربة تفوت هذه الأشياء وتمنع عنها.

م: (ولنا قَوْله تَعَالَى {فَاجْلِدُوا} [النور: ٢] جعل الجلد كل الموجب رجوعا إلى حرف الفاء) ش: بيانه أن الله تعالى جعل جزاء كل واحدة من الزانية والزاني الجلد لا غير، وهذا لأن الفاء للخبر، والجزاء عبارة عن الكافي المنافي، فينبغي وجوب غيره، كما إذا قال لامرأته إن دخلت الدار فأنت طالق واحدة.

فإذا وجد الشرط يقع طلقة واحدة لا غير، لأنها هي الجزاء، فلا يجب النفي إذا م: (أو إلى كونه كل المذكور) ش: أي أو رجوعا إلى كونه الجلد كل المذكور في الآية، لأن المذكور فيها هو الجلد لا غير، فإذا كان كل المذكور يكون كل الواجب، لأنه لو كان يجب شيء آخر لبينه، لأن الموضع موضع يحتاج إليه في البيان، وترك البيان في مثل هذا الموضع لا يجوز للزوم الإخلال.

م: (ولأن في التغريب فتح باب الزنا لانعدام الاستحياء من العشيرة) ش: هذا جواب عن قول الخصم، ولأن فيه باب الزنا، إلى آخره بيانه أن الإنسان يمنع من الزنا في بلدته استحياء من أقاربه وعشائره بها وبعض معارفه، ففي الغربة يرتفع الحياء، فيقع في الفاحشة ويفتح له باب الزنا لعدم من يستحي منه، وإن كان النفي إلى المرأة يحتاج إلى النفقة لا محالة، وهي عاجزة عن الكسب فتتخذ الزنا مكسبا، فتقعد فخير قبحة، وذلك من أقبح وجوه الزنا وأفحشها. وأشار إلى قولنا وإن كان النفي للمرأة ... إلى آخره بقوله م: (ثم فيه) ش: أي في النفي م: (قطع مواد البقاء) ش: وهو الكسب لما يحتاج إليه من المأكول والمشروب.

م: (فربما تتخذ) ش: أي المرأة تتخذ م: (زناها مكسبة) ش: لأنها لما تباعدت عن الأقارب والأوطان ونزلت في الرباط أو الجنان أخرجها انقطاع مواد المعاش على اتخاذ الزنا مكسبة لانقطاع [ ... ] والمواقع من المعاش م: (وهو من أقبح وجوه الزنا) ش: يعني هذا أقوى مما قاله الخصم. م: (وهذه الجهة مرجحة لقول علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -) يجوز بكسر الجيم وفتحها، قال الكاكي: معنى رجحها قوله - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - للتعليل.

وقال الأكمل: مرجحة نقل بفتح الجيم وضمها، فوجد الفتح أن هذه الجملة من العلة أقوى من علة الخصم بشهادة قول علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، واللام للتعليل. وقال الأكمل: مرجحة نقل بفتح الجيم وكسرها، فوجه الفتح أن هذه الجملة من العلة أقوى من علة الخصم لشهادة قول

<<  <  ج: ص:  >  >>