إلا أنه يعزر لما بيناه. والذي يروى أنه تذبح البهيمة وتحرق، فذلك لقطع التحدث به، وليس بواجب.
ــ
[البناية]
قلت: دعوى الاستلزام غير موجه، نعم يفهم ذلك عند ذكر البهيمة، ولو كان الطبع داعيا عليه لوجب ستر ذلك الموضع، كما في القبل والدبر، والإيلاج فيه كالإيلاج في الكوز، ولهذا لا يجب الغسل، ولا ينقض الطهارة بنفس الإيلاج بدون الإنزال، فلا يكون في معنى الزنا م:(إلا أنه يعزر لما بينا) ش: يعني قوله ارتكب جريمة، وليس فيها حد.
م:(والذي يروى) ش: أي والحديث الذي يروى م: (أنه تذبح البهيمة وتحرق) ش: بهذا اللفظ الغريب، نعم روى الأربعة من حديث عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من أتى بهيمة فاقتلوه واقتلوها» م: (فذلك لقطع التحدث به) ش: أراد به أن الأمة تقبله، وقتل البهيمة لأجل قطع حديث الناس به، لأن الناس إذا رأوا البهيمة ربما يقولون هذه هي البهيمة التي فعل بها، فلا يتقرب به فلان ويتضرر، ويقعون أيضا في الغيبة، فلأجل ذلك تقتل البهيمة، ليكف تحدث الناس، على أنا نقول إن الحديث شاذ ضعيف، ضعفه البخاري ويحيى بن معين وأبو داود مع أنه روي عن ابن عباس أنه قال: لا حد على من أتى بهيمة.
وكذلك روى الثقات عن ابن عباس، وإن ثبت تأوله في حق المستحل لتأويل قوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «من أتى امرأته الحائض أو امرأته في غير ما أتاها، فقد كفر بما أنزل على محمد» .
وقيل: إنما قال ذلك في فاعل اعتاد وبذلك قتل سياسة عندنا، ألا ترى أنه أمر بالقتل المطلق، ولم يفرق بين المحض وغيره، ولو كان بمنزلة النساء يفرق بينه وبين المحض وغيره.
م:(وليس بواجب) ش: أي الآخر وليس بواجب. وقال شمس الأئمة السرخسي: الإحراق جائز وليس بواجب، فإن كانت الدابة مما يؤكل لحمها تذبح، ويؤكل لا يحرق بالنار على قول أبي يوسف.
وقال أبو يوسف: يحرق بالنار ويضمن الفاعل القيمة إن كانت لغيره، ولأنها قتلت لأجله كي يعتبر، وقال الطحاوي: وإن أتى بهيمة وجب التعزير، ولا يحد الحد. وإن كانت البهيمة ذبحت ولا تؤكل.
قال الإمام الأسبيجابي في " شرح الطحاوي "[لم يرو] هذا من أصحابنا في كتبهم، فأما محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - روى عن عمر أنه لم يحد واطئ البهيمة، وأمر بالبهيمة حتى أحرقت بالنار. وقال بعض أصحاب الشافعي: تقتل ولا تحرق، ويضمن الفاعل إن كانت لغيره.
وقال بعض أصحابه: لا تقتل، وفرق بعض أصحابنا فقال: إن كانت مما [لا] يؤكل لا