للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولهما أنه ما دخل دارنا للقرار بل لحاجة كالتجارة ونحوها، فلم يصر من أهل دارنا، ولهذا يمكن من الرجوع إلى دار الحرب، ولا يقتل المسلم ولا الذمي به. فإنما التزم من الحكم ما يرجع إلى تحصيل مقصوده، وهو حقوق العباد، لأنه لما طمع في الإنصاف يلتزم الإنصاف والقصاص، وحد القذف من حقوقهم. أما حد الزنا محض حق الشرع، ولمحمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - وهو الفرق أن الأصل في باب الزنا فعل الرجل، والمرأة تابعة له على ما نذكره إن شاء الله تعالى، فامتناع الحد في حق الأصل يوجب امتناعه في حق التبع، أما الامتناع في حق التبع لا يوجب الامتناع في حق

ــ

[البناية]

قلت: المعنى باعتقاد الإباحة وهو أن يكون قتل النفس والقذف حرام عندهم في دينهم، فأما حقهم ذلك ليس بدين، وإنما هو هوى وتعصب.

م: (ولهما) ش: أي ولأبي حنيفة ومحمد - رحمهما الله - م: (أنه) ش: أي المستأمن م: (ما دخل دارنا للقرار بل لحاجة كالتجارة ونحوها) ش: مثل زيارة أقربائه أو لأجل الطيب أو لأجل [ ... ] هو منه، فإذا كان كذلك م: (فلم يصر من أهل دارنا، ولهذا) ش: أي ولأجل عدم كونه من أهل دارنا م: (تمكن) ش: أي الحربي المستأمن م: (من الرجوع إلى دار الحرب) ش: إذا عزم على الخروج من دار الإسلام على الدخول في دار الحرب.

م: (ولا يقتل المسلم ولا الذمي به) ش: أي بسببه إذا قتل مسلم أو ذمي، والذمي إذا قتله مسلم يقتص به عندنا، فعلم أن الحربي لم يكن كالذمي.

م: (فإنما التزم من الحكم ما يرجع إلى تحصيل مقصوده، وهو حقوق العباد، لأنه) ش: أي لأن الحربي المستأمن م: (لما طمع في الإنصاف) ش: المسلمين، أي طمع في العدل لأجله على غيره م: (يلتزم الإنصاف) ش: أي قبل العدل لغيره عليه، يقال انتصف الرجل إنصافا إذا أعطي الحق، وتناصف القوم إذا تعاطوا الحق بينهم م: (والقصاص، وحد القذف من حقوقهم) ش: أي من حقوق العباد. م: (أما حد الزنا محض حق الشرع) ش: فلم يلتزمه فلا يلزمه، ولما فرغ عن الجواب عن قول أبي يوسف من جهة أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - ومحمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - شرع في بيان إثبات ما لكل منهما فيم ذهب إليه فقال م: (ولمحمد) ش: يعني في الفرق بين المسلم أو الذمي إذا زنى بحربية مستأمنة حيث يجب الحد عنده على الفاعل، وبين المسلمة أو الذمية إذا زنت بحربي حيث لا يجب عنده عليهما.

بيانه ما قال بقوله: م: (وهو الفرق أن الأصل في باب الزنا فعل الرجل، والمرأة تابعة له) ش: لكونها محلا م: (على ما نذكره إن شاء الله تعالى) ش: أي في مسألة زنى صحيح بمجنونة أو صغيرة م: (فامتناع الحد في حق الأصل يوجب امتناعه في حق التبع) ش: لأن الحد إنما يجب عليهما بالتمكين من فعل موجب للحد فيما مكنت من فعل موجب للحد، فلا تحد.

م: (أما الامتناع في حق التبع لا يوجب الامتناع في حق الأصل) ش: وإلا ما كان مستتبعا فكان

<<  <  ج: ص:  >  >>