فأشبه الحمأة، فإن بالت فيها شاة نزح الماء كله عند أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وأبي يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وقال محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لا ينزح إلا إذا غلب على الماء فيخرج من أن يكون طهورا، وأصله أن بول ما يؤكل لحمه طاهر عنده نجس عندهما. له أن «النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أمر العرنيين بشرب أبوال الإبل وألبانها»
ــ
[البناية]
م:(فأشبه الحمأة) ش: أي إذا كان الأمر كذلك فأشبه خرء الحمام والحمأة هو الطين الأسود في قعر البئر، فإنه منتن في الغالب مع أنه طاهر، والحمأة بفتح الحاء وسكون الميم وفتح الهمزة وفي آخره هاء. وأما الحمأة فهو بفتح الميم، قال الله تعالى:{من حمأ مسنون}[الحجر: ٢٦](الحجر: الآية ٢٦) ، تقول منه حمأت البئر حمأ بالتسكين إذا نزحت حمأتها وحمأت البئر بالكسر حمأة بالتحريك كثرت حمأتها واحمأتها احمأ ألقيت فيها الحمأة.
م:(فإن بالت فيها) ش: أي في البئر م: (شاة نزح الماء كله عند أبي حنيفة وأبي يوسف - رحمهما الله -) ش: وبه قال الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - وأبو ثور وميمون والحسن بن أبي الحسن وحماد - رَحِمَهُمُ اللَّهُ -.
م:(وقال محمد لا ينزح) ش: وبه قال عطاء والنخعي والزهري والشعبي والثوري ومالك وأحمد رحمهما الله إلا إذا غلب على الماء فيخرج من أن يكون طهورا لغيره م: (إلا إذا غلب) ش: بول الشاة م: (على الماء) ش: فحينئذ م: (فيخرج من كونه طهورا) ش: لغيره، وأما إنه طاهر في نفسه عند محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ -.
م:(وأصله) ش: أي وأصل الحكم في هذه المسألة م: (أن بول ما يؤكل لحمه طاهر عنده) ش: أي عند محمد فعلى هذا قوله: فإن بالت فيه شاة من باب التمثيل لا من باب التمثيل لا من باب التقييد فافهم م: (أنه) ش: أي أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - م:(أمر العرنيين بشرب أبوال الإبل وألبانها) ش: هذا الحديث أخرجه الأئمة الستة في كتبهم، فالبخاري ومسلم في الصلاة وأبو داود وابن ماجه رحمهما الله في الحدود والترمذي في الطهارة والنسائي في تحريم الدم كلهم من حديث أنس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أن أناسا من عرينة أصيبوا بالمدينة فوصف لهم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يأكلوا إبل الصدقة فيشربوا من ألبانها وأبوالها فقتلوا الراعي واستاقوا الذود فأرسل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأسرهم فأتي بهم وقطع أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم وتركهم بالحرة يعضون الحجارة» .
ولفظ أبي داود والترمذي والنسائي «وأمرهم أن يشربوا من ألبانها وأبوالها» وفي لفظ البخاري عن أنس قال: "قدم «أناس من عكل أو عرينة اجتووا المدينة فأمر لهم النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بلقاح أن يشربوا من أبوالها وألبانها فانطلقوا فلما صحوا قتلوا راعي النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - واستاقوا الإبل فجاء الخبر في أول النهار فبعث في آثارهم، فلما ارتفع النهار جيء بهم فأمر بقطع أيديهم وأرجلهم وسمرت أعينهم ثم ألقوا في الحرة يستسقون فلا يسقون» نقول: وجه الاستدلال بتسويته عليه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بين لبنها وبولها، وتقيم بولها