وإن شهدوا أنه زنى بامرأة لا يعرفونها لم يحد؛ لاحتمال أنها امرأته أو أمته، بل هو الظاهر، وإن أقر بذلك حد، لأنه لا يخفى عليه أمته أو امرأته، وإن شهد اثنان أنه زنى بفلانة فاستكرهها وآخران أنها طاوعته درئ الحد عنهما جميعا عند أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - وهو قول زفر - رَحِمَهُ اللَّهُ - وقالا: يحد الرجل خاصة لاتفاقهما على الموجب: وتفرد أحدهما بزيادة جناية، وهو الإكراه بخلاف جانبها، لأن طواعيتها شرط تحقق الموجب في حقها، ولم يثبت لاختلافهما وله أنه اختلف المشهود عليه
ــ
[البناية]
يفصلون بين زوجته وأمته وبين غيرهما إلا بالمعرفة، فلم يعرفوها، فلم يمكن إقامة الحد بشهادتهم. فلو قال المشهود عليه أن الذي رأوها معي ليست بامرأتي ولا أمتي لم يحد أيضا، لأن الشهادة قد بطلت، ثم هذه اللفظة ليست بإقرار منه بالزنا، فلا يحد، ولو كان الإقرار إقرارا فحد الزنا لا يقام بالإقرار مرة.
م:(وإن أقر بذلك حد) ش: أي وإن أقر بالزنا بامرأة لا يعرفها حد م: (لأنه لا يخفى عليه امرأته أو أمته) ش: أي لا يخفى عليه امرأته أو أمته عن غيرها، وليس بمتهم في إقراره على نفسه، فيحد م:(وإن شهد اثنان أنه زنى بفلانة فاستكرهها) ش: باشرها، أي زنى بها وهي مكرهة م:(وآخران) ش: أي شهد آخران م: (أنها) ش: أي أن المرأة م: (طاوعته درئ الحد عنهما جميعا) ش: ومعنى درئ دفع، وهو على صيغة المجهول من الدرء، وهو الدفع. قال الله تعالى {فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ}[آل عمران: ١٦٨](آل عمران: الآية ١٦٨) ، أي ادفعوا م:(عند أبي حنيفة، وهو قول زفر) ش: وبه قالت الثلاثة.
م:(وقالا) ش: أي أبو يوسف ومحمد - رَحِمَهُ اللَّهُ -: م: (الحد على الرجل خاصة لاتفاقهما على الموجب) ش: بكسر الجيم، أي لاتفاق الفريقين، أعني شاهدي الطواعة وشاهد الإكراه على موجب الحد في حقه، أي في حق الرجل، وموجب الحد هو الزنا عن طوع م:(وتفرد أحدهما) ش: بجر الدال عطفا على قوله لاتفاقهما، أي لتعداد تفرد أحد الفريقين، أراد بأحد الفريقين شاهدي الإكراه م:(بزيادة جناية، وهو الإكراه) ش: والضمير راجع إلى الزيادة والتذكير بالنظر إلى الخبر م: (بخلاف جانبها) ش: أي جانب المرأة م: (لأن طواعيتها شرط تحقق الموجب في حقها ولم يثبت) ش: أي شرط تحقق الموجب في حقها وهو طوعها م: (لاختلافهما) ش: أي لاختلاف الفريقين، وفي بعض النسخ لاختلافهم.
م:(وله) ش: أي ولأبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - م:(أنه اختلف المشهود عليه) ش: قال الكاكي: أي المشهود به. وقد صرح به في " الكافي ".
وفي " الفوائد الجنازية ": أراد بالمشهود عليه المشهود به، وعلى بمعنى الباء، كما في قَوْله تَعَالَى:{حَقِيقٌ عَلَى أَنْ لَا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ}[الأعراف: ١٠٥](الأعراف: الآية ١٠٥) ، أي جدير بأن أقول