تعمدنا التزكية مع علمنا بحالهم. لهما أنهم أثنوا على الشهود خيرا، فصار كما إذا أثنوا على المشهود عليه خيرا بأن شهدوا بإحصانه، وله أن الشهادة إنما تصير حجة عاملة بالتزكية، فكانت التزكية في معنى علة العلة، فيضاف الحكم إليها، بخلاف شهود الإحصان لأنه محض الشرط، ولا فرق بينهما إذا شهدوا بلفظة الشهادة أو أخبروا، وهذا إذا أخبروا بالحرية والإسلام، أما إذا قالوا: هم عدول وظهروا عبيدا لا يضمنون، لأن العبد قد يكون عدلا
ــ
[البناية]
أي المزكون م:(تعمدنا التزكية مع علمنا بحالهم) ش: أما إذا قالوا أخطأنا فلا يجب عليهم الضمان. قال الإمام السغناقي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: في شرحه " للجامع الصغير " إذا قالوا علمنا أنهم مجوس ومع هذا زكيناهم. أما إذا قالوا أخطأنا، فلا يجب عليهم الضمان، لأنهم يأتون على القاضي والقاضي [....] لا ضمان عليه، فكذا هاهنا، وإنما وجب الضمان عليهم إذا تعمدوا لأنهم أظهروا علة التلف.
م:(لهما) ش: أي لأبي يوسف [ومحمد]- رحمهما الله م:(أنهم) ش: أي أن المزكين م: (أثنوا على الشهود خيرا) ش: قيل حيث أثبتوا بذلك شرط الحجة، وهي العدالة م:(فصار كما لو أثنوا على المشهود عليه خيرا بأن شهدوا بإحصانه) ش: فلا يضمنون شيئا، وبه قال الثلاثة، فإذا لم يضمنوا شيئا وجب الضمان على بيت المال، وله أي ولأبي حنيفة - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - م:(وله أن الشهادة إنما تصير حجة وعاملة بالتزكية) ش: إذ الشهادة في الحدود لا توجب شيئا بلا تزكية م: (فكانت التزكية في معنى علة العلة) ش: لأن التزكية بعمله للعلة، والعمل للعلة علة العلة، والحكم يضاف إلى علة العلة، كما يضاف إلى العلة.
ألا ترى أن حفر البئر لما كان هو الذي لعلة يجعل فقد علة المار للوقوع في البئر، فيضاف الحكم إليه عند تعذر إضافته إلى الفعل م:(فيضاف الحكم إليها) ش: أي إلى علة العلة، فصار المزكون كالشهود إذا رجعوا م:(بخلاف شهود الإحصان، لأنه محض الشرط) ش: حاصله أن الشهادة على الإحصان شرط محض، وعلامة معرفة الحكم الزنا الصادر بعده وجود الإحصان.
ولا حاجة لثبوت الزنا إلى شهود الإحصان، لأن الزنا ثبت بشهود الزنا قبل الإحصان، ولكن لا يثبت الزنا بشهود الإحصان ما لم يزكوا، فظهر الفرق بين التزكية وشهادة الإحصان.
م:(ولا فرق بينهما إذا شهدوا بلفظة) ش: أي المزكون بلفظ م: (الشهادة أو أخبروا) ش: بأن قالوا نشهد بأنهم أحرار أو قالوا هم أحرار م: (وهذا) ش: أي وجوب الضمان على المزكين على قول أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - م:(إذا أخبروا بالحرية والإسلام) ش: أي فيما إذا أخبروا بحرية الشهود وإسلامهم، ثم ظهر الشهود مجوسا أو عبيدا.
م:(أما إذا قالوا هم عدول وظهروا عبيدا لا يضمنون، لأن العبد قد يكون عدلا) ش: أيضا بتركه محظور دينه. واعلم أن زكاة المزكي شرط عند أبي حنيفة، خلافا لهما، ذكره في " المختلف "،