ولنا أن الإحصان عبارة عن الخصال الحميدة، وأنها مانعة من الزنا على ما ذكرنا، فلا يكون في معنى العلة، وصار كما إذا شهدوا به في غير هذه الحالة، بخلاف ما ذكر؛ لأن العتق يثبت بشهادتهما، وإنما لا يثبت بسبق التاريخ؛ لأنه ينكره المسلم أو يتضرر به المسلم، فإن رجع شهود الإحصان لا يضمنون عندنا، خلافا لزفر - رَحِمَهُ اللَّهُ - وهو فرع ما تقدم
ــ
[البناية]
م:(ولنا أن الإحصان عبارة عن الخصال الحميدة) ش: بعضها ليس في موضع كالحرية والعقل وبعضها فرض عليه كالإسلام، وبعضها مندوب إليه كالنكاح الصحيح والدخول بالمنكوحة م:(وإنها) ش: أي وإن الخصال الحميدة م: (مانعة من الزنا، فلا تكون في معنى العلة، وهذا كما إذا شهدوا به) ش: أي بالإحصان م: (في غير هذه الحالة) ش: أراد بهذه الحالة ما بعد الزنا. قال الأكمل - رَحِمَهُ اللَّهُ -: يعني لو شهد رجل وامرأتان أن فلانا تزوج هذه المرأة ودخل بها قبلت شهادتهم، فكذلك هاهنا.
م:(بخلاف ما ذكر) ش: أي بخلاف ما ذكر زفر - رَحِمَهُ اللَّهُ - بشهادة الذمية على ذمي أنه أعتق عبده قبل الزنا م:(لأن العتق يثبت بشهادتهما) ش: أي بشهادة الذميين م: (وإنما لا يثبت بسبق التاريخ) ش: يعني يثبت العتق، لكن لا يثبت سابقا على الزنا م:(لأنه ينكره المسلم) ش: أي لأن سبق التاريخ ينكر المسلم لا يثبت شهادة الكافر بل الذمية، ولأن المسلم يتصور سبق التاريخ من حيث تغليظ العقوبة عليه، فلا يجوز أن يتضرر المسلم بشهادة الكفار. كذا في " المبسوط " وهو معنى قوله م: (أو يتضرر به المسلم) ش: أما شهادة النساء في غير الحدود مقبولة وإن تضرر به المسلم.
م:(فإن رجع شهود الإحصان لا يضمنون عندنا، خلافا لزفر - رَحِمَهُ اللَّهُ -) ش: والشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - في ضمان شهود الإحصان ثلاثة أوجه:
أحدها: لا ضمان عليهم، وهو قولنا.
والثاني: يحنث [....] وهو قول زفر - رَحِمَهُ اللَّهُ -.
والثالث: إذا رجعوا مع الشهود على الزنا إن شهدوا بالإحصان قبل ثبوت الزنا لم يضمنوا، وإن شهدوا بعد ثبوت الزنا ضمنوا. وفي قدر ما يضمنون من الدية وجهان. وجه: يضمنون بضمان الدية، الثاني: ثلث الدية، كذا في " الحلية ".
م:(وهو فرع ما تقدم) ش: أي عدم الضمان عليه شهود الإحصان عندنا إذا رجعوا ووجوب الضمان عند زفر - رَحِمَهُ اللَّهُ - بيان على ما قلنا إنه في معنى العلة عنده، وشرط محصن عندنا لا يتعلق به الوجود، بل هو علامة معرفة حكم الزنا الصادر بعد.
فروع: وفي الإحصان يكفي الشهود أن يقولوا أدخل بها زوجها. وقال محمد -رحمه