للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأن قيام الأثر من أقوى دلالة على القرب، وإنما يصار إلى التقدير بالزمان عند تعذر اعتباره، والتمييز بين الروائح ممكن للمستدل، وإنما يشتبه على الجهال، وأما الإقرار فالتقادم لا يبطله عند محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - كما في حد الزنا على ما مر تقريره، وعندهما لا يقام الحد إلا عند قيام الرائحة؛ لأن حد الشرب ثبت بإجماع الصحابة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، ولا إجماع إلا برأي ابن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد شرط قيام الرائحة على ما روينا

ــ

[البناية]

حتى أقر ماعز، فكيف يأمر ابن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بالتثلثة والترترة والاستنكاه، حتى يظهر سكره، فلو صح فتأويله أنه جاء رجل مولع بالشرب مدمن، فاستجازه كذلك، انتهى.

قلت: ليس في حديث ابن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه أتي به وهو مقر حتى يضعف هذا بذاك، وإنما أتى به وهو سكران، فقال: ترتروه إلى آخره ليعلم أنه سكران أم لا؟.

م: (ولأن قيام الأثر) ش: أي أثر الخمر م: (من أقوى دلالة على القرب) ش: أي على قرب العهد م: (وإنما يصار إلى التقدير بالزمان عند تعذر اعتباره) ش: أي اعتبار الأثر م: (والتمييز بين الروائح ممكن للمستدل) ش: هذا جواب عن قوله والرائحة قد تكون من غيره م: (وإنما يشتبه) ش: أي الأثر م: (على الجهال) ش: بضم الجيم وتشديد الهاء جمع جاهل، وأراد بالجهال الذين لا يميزون الروائح م: (وأما الإقرار فالتقادم لا يبطله عند محمد كما في حد الزنا على ما مر تقريره) ش: أن الإنسان لا يكون متهما بالنسبة إلى نفسه.

م: (وعندهما) ش: أي عند أبي حنيفة وأبي يوسف - رحمهما الله م: (لا يقام الحد إلا عند قيام الرائحة؛ لأن حد الشرب ثبت بإجماع الصحابة، ولا إجماع إلا برأي ابن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وهو وقد شرط) ش: أي ابن مسعود م: (قيام الرائحة على ما روينا) ش: بمعنى قوله فإن وجدتم رائحة الخمر فاجلدوه. وقال الأكمل - رَحِمَهُ اللَّهُ -: فيه نظر؛ لأن الإجماع عقد على ثبوت حد الشرب باتفاق ابن مسعود. ولكن لا دليل على أن الشرط الذي شرطه ابن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وهو قيام الرائحة أجمع عليه الباقون.

وأيضا كلام ابن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - شرطية، والشرطية الوجود تقيد الوجود عند الوجود لا غير.

وجواب الإمام فخر الإسلام: بأن العدم عند العدم ليس من مفهوم الشرط، بل انتفاء الجمع عليه مدفوع بما ذكرنا أولا. وأيضا ذكر في أول الباب أنه ثابت بقوله - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - من شرب الخمر فاجلدوه، انتهى كلامه.

قلت: قوله ولا كذلك لا دليل على مجرد النفي، وهو لا ينافي الضمان الدليل قوله يقيد الوجوب عند الوجود لا غير، يعني لا يوجب العدم عند عدمه، فلهذا يجب الحد عند وجود

<<  <  ج: ص:  >  >>