وكذا الشرب قد يقع عن إكراه واضطرار. فلا يحد السكران حتى يعلم أنه سكر من النبيذ وشربه طوعا؛ لأن السكر من المباح لا يوجب الحد كالبنج ولبن الرماك
ــ
[البناية]
وقال أيضا: والتمييز ممكن لمن عاين الشرب والإكمال لمن لم يعاينه، وفيه نظر؛ لأن من عاين الشرب بنى الأمر على عيان وتعين لا على استدلال ويجيء.
وتخمين صاحب " الهداية " ثبت التمييز في صورة الاستدلال لا صورة العيان، فقد وقع. إذ كلام هذا الشارح عن [....] ، انتهى.
قلت: أراد بقوله وتكلف بعضهم فإنه كذا ذكره في شرحه والأكمل أيضا أخذ كلامه هذا، وذكره في شرحه وذكر الجوابين واستحسن الجواب الثاني. وقال في وجه حسنه لاشتماله على تغير تفسير المستدل.
فإنه يدل على أن المستدل هو من معه دليل، وهو معاينة الشرب، والجاهل هو من ليس معه ذلك، ثم قال: ويجوز أن يكون قوله لأن الرائحة م: (محتملة) ش: على مذهب محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ -.
م:(وكذا الشرب قد يقع عن إكراه واضطرار) ش: على قولهما، فلا يلزم بشيء، وحديث عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حجة أيضا، فإنه لم يحده بوجود الرائحة، ولا يثبت بمثله الحد كالبنج ولبن الرماك، وبه قالت الثلاثة.
وفي " النهاية " وهو مخالف لما ذكر الإمام المحبوبي في " جامعه "، وعن أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - أن من زال عقله بالبنج إن علم أنه بنج فحينئذ لا يقع طلاقه وعتاقه، وإن لم يعلم يقع، ثم قال: والسكر من هذه الأشربة، وأشار إلى الأشربة المتخذة من الحبوب كالحنطة والشعير والذرة والشهد والعسل والفرصاد وغيرهما حرام بالإجماع؛ لأن السكر من البنج حرام لأنه مأكول غير مشروب، فمن المشروب أول بعض المشايخ، قالوا في زماننا الفتوى على ما إذا سكر من البنج يقع طلاقه ويحد [....] لغو هذا الفصل فيما بين الناس.
م:(فلا يحد السكران حتى يعلم أنه سكر من النبيذ وشربه طوعا؛ لأن السكر من المباح لا يوجب الحد كالبنج ولبن الرماك) ش: هذا مخالف لما ذكره المحبوب من قوله؛ لأن السكر من البنج حرام مع أنه مأكول غير مشروب، وقد ذكرناه الآن بما فيه الكفاية.
وقال الأكمل: هذا ليس بصحيح؛ لأن رواية المحبوبي تدل على أن السكر الحاصل من البنج حرام لا على أن البنج حرام. وكلام المصنف يدل على أن البنج مباح، ولا يأتي بينهما، انتهى.
قلت: فيما قاله تقوية لمن يولع بالبنج، وفيه من الفساد مالا يخفى. وقال في أشربته