للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وله أنه يؤخذ في أسباب الحدود بأقصاها درءا للحد، ونهاية السكر أن يغلب السرور على العقل فيسلبه التمييز بين شيء وشيء وما دون ذلك لا يعرى عن شبهة الصحو، والمعتبر في القدح المسكر في حق الحرمة ما قالاه بالإجماع أخذا بالاحتياط.

ــ

[البناية]

عنه - قال: صنع لنا عبد الرحمن بن عوف - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - طعاما، فدعانا وسقانا من الخمر، فأخذت الخمر منا، وحضرت الصلاة فقدموني فقرأت: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} [الكافرون: ١] {لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ} [الكافرون: ٢] ونحن نعبد ما تعبدون. قال فأنزل الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} [النساء: ٤٣] » (النساء: الآية٤٣) .

وقال الكاكي: وحكي أن أئمة بلخ اتفقوا على استقراء هذه السورة، ثم إن بعض الشرطة أتى بسكران إلى أمير بلخ، فأمر الأمير أن يقرأ هذه السورة، فقال السكران له: اقرأ أنت سورة الفاتحة، فلما قال الأمير: الحمد لله، قال السكران: قف أخطأت من وجهين.

أحدهما: أنك تركت التعوذ عند افتتاح القراءة.

والثاني: تركت التسمية وهي آية من أول الفاتحة عند بعض الأئمة والقراء، فخجل الأمير وجعل يضرب الشرطي ويقول له: أمرتك أن تأتيني بسكران فأتيتني بمقرئ بلخ.

م: (وله) ش: أي ولأبي حنيفة م: (أنه يؤخذ في أسباب الحدود بأقصاها درءا للحد) ش: أي دفعا له، ألا ترى أن في الزنا يعتبر المخالطة كالميل في المكحلة، وفي السرقة يعتبر الأخذ من الحرز التام فكذا هنا اعتبر أقصى غايات السكر، وهو أن يبلغ مبلغا لا يعرف الأرض من السماء والرجل من المرأة.

وإذا لم يبلغ هذا المبلغ في غير الخمر من سائر الأشربة المحرمة لا يحد؛ لأن السكر تناقص في النقصان شبهة العدم، بخلاف الخمر حيث لم يشترط فيها السكر أصلا؛ لأن حرمتها غليظة قطعية؛ لأنها اجتهادية.

م: (ونهاية السكر أن يغلب السرور على العقل، فيسلبه التمييز بين شيء وشيء وما دون ذلك لا يعرى عن شبهة الصحو) ش: يعني إذا كان يميز بين الأشياء، عرفنا أنه مستعمل لعقله مع غاية من السرور، فلا يكون ذلك نهاية في السرور وفي النقصان شبهة العدم، والحدود تندرئ بالشبهات بالزمان.

م: (والمعتبر في القدح المسكر) ش: يعني في الأشربة المحرمة غير الخمر المعتبر في القدح الذي يحصل به السكر م: (في حق الحرمة ما قالاه) ش: أي قال أبو يوسف ومحمد - رحمهما الله - هو الذي يهذي ويخلط كلامه.

حاصل الكلام المبلغ في السكر هو الذي قالاه، وأشار بقوله م: (بالإجماع أخذا) ش: أي أن

<<  <  ج: ص:  >  >>