للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن قال لغيره في غضب: لست بابن فلان لأبيه الذي يدعى له يحد، ولو قال في غير غضب: لا يحد؛ لأن عند الغضب يراد به حقيقة سبا له، وفي غيره يراد به المعاتبة بنفي مشابهته إياه في أسباب المروءة. ولو قال: لست بابن فلان يعني جده لم يحد؛ لأنه صادق في كلامه

ــ

[البناية]

فإن قيل: جاز أن لا يكون ثابت النسب من أبيه، ولا يكون ثابت وأمه زانية بأن كانت موطوءة بشبهة.

قلنا: إذا وطئت بشبهة كان الولد ثابت النسب من إنسان، وإنما لا يكون ثابت النسب من الأب إذا كانت هي زانية فعرف أنه بهذا اللفظ قاذف لأمه، وبه قال الشافعي ومالك وأحمد - رَحِمَهُمُ اللَّهُ -، إلا أن مالكا لا يشترط كون أمه وأبيه مسلمين حرين، بل يشترط نفي الإحصان، وبه قال أحمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - في روايته، وفي " المبسوط ": وجوب الحد هاهنا بطريق الاستحسان لا القياس، وفي القياس: لا يجب إذا تركنا كالقيام بأثر ابن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه قال: لا يحد في قذف محصنة أو نفي رجل عن أبيه.

فإن قلت: هذا كله إذا قال: لست لأبيك، فإذا قال: لست لأمك ما حكمه.

قلت: لا يحد، وبه صرح في " التحفة " لأنه صدق لأن النسب إلى الآباء لا إلى الأمهات. وقال الأترازي: يشترط في قوله ليست أن يكون على سبيل الغضب الباب، وإن كان في غير غضب فلا حد بدليل المسألة التي تلي هذه.

م: (من قال لغيره في غضب لست بابن فلان لأبيه الذي يدعى له) ش: وفي بعض النسخ يدعى إليه م: (يحد، ولو قال في غير غضب لا يحد؛ لأن عند الغضب يراد به حقيقة سبا له) ش: أي شتما له فيحد؛ لأنه يصير قاذفا لأمه م: (وفي غيره) ش: أي في غير غضب م: (يراد به المعاتبة بنفي مشابهته إياه) ش: وفي بعض النسخ أباه بالباء الموحدة م: (في أسباب المروءة) ش: منها الأخلاق الجميلة، وعن المعاشرة مع الأصحاب وإظهار الكرم.

فإن قيل: ما الفرق بين هذه وبين قوله في حالة الغضب أو غيرهما لست بابن فلان ولا ابن فلانة، وهي أمه التي يدعى لها حيث لا يكون قذفا، مع أن القذف يراد بهذا اللفظ.

أجيب: بأن قوله ولا ابن فلانة، يعني أن أمه وإنما ينتفي منها بانتفاء الولادة، وكان نفيا للولاة ونفي الولادة نفي للوطء، ونفي الوطء نفي الزنا، بخلاف ما إذا لم يصل لك بمعنى، ولا ابن فلانة نفي من الوالد وولادة الولد ثابتة من أمه، فصار كأنه قال أنت ولد الزنا، كذا في " الذخيرة ".

م: (ولو قال لست بابن فلان يعني جده) ش: يعني أراد به جده لا أباه م: (لم يحد؛ لأنه صادق في كلامه) ش: لأنه في الحقيقة ابن أبيه لا جده.

<<  <  ج: ص:  >  >>