ولهما قوله - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «لا قطع على المختفي» وهو النباش بلغة أهل المدينة؛ ولأن الشبهة تمكنت في الملك؛ لأنه لا ملك للميت حقيقة ولا للوارث لتقدم حاجة الميت وقد تمكن الخلل في المقصود وهو الانزجار؛ لأن الجناية في نفسها نادرة الوجود، وما رواه غير مرفوع أو هو محمول على السياسة، وإن كان القبر في بيت مقفل، فهو على هذا الخلاف في الصحيح.
ــ
[البناية]
ألا ترى أن الصندوق حرز للدرة حتى لو سرق درة من إصطبل لا يقطع وحرز الدابة الإصطبل، وحرز الشاة الحظيرة حتى لو سرق من الحظيرة الثياب النفيسة لا يقطع.
م:(ولهما) ش: أي ولأبي حنيفة ومحمد قال: في م: (قوله - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -) ش: أي قول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: م: «لا قطع على المختفي» ش: هذا حديث غريب لا أصل له. وعن ابن عباس: ليس على النباش قطع، رواه ابن أبي شيبة م:(وهو النباش بلغة أهل المدينة) ش: قال في ديوان الأدب اختفاه، أي أخرجه.
وقال في المجمل: والنباش مختف؛ لأنه مستخرج للأكفان.
م:(ولأن الشبهة تمكنت في الملك) ش: يعني في كون الكفن ملكاً م: (لأنه لا ملك للميت حقيقة) ش: وهو ظاهر م: (ولا للوارث؛ لتقدم حاجة الميت وقد تمكن الخلل في المقصود، وهو الانزجار؛ لأن الجناية في نفسها نادرة الوجود) ش: لأن الطباع السلمية تنفر عنه، والكفن شيء بهيز لا تميل إليه الطبائع المستقيمة.
م:(وما رواه) ش: أي الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - م:(غير مرفوع) ش: إلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وقد ذكرنا أن الحديث الذي استدل به أبو حنيفة ومحمد غريب ليس له أصل. وما استدل به أبو يوسف والشافعي أقرب م:(أو هو محمول على السياسة) ش: هذا جواب بطريق التسليم، والإمام ذلك إذا أعاد به عليه أول الحديث:«من غرق غرقناه، ومن حرق حرقناه» والمراد منه السياسة؛ لأنه أضافه إلى نفسه.
ولو كان بطريق القصاص لما أضافه إلى نفسه، بل أضافه إلى الولي.
م:(وإن كان القبر في بيت مقفل) ش: قال الكاكي: بسكون القاف، يقال: أقفل الباب، وقفل الأبواب مثل أغلق وغلق، ذكره في " الصحاح ".
حاصله أنه يقال: أقفل الباب من الإقفال إذا ذكر مفرداً وقفل الأبواب بتشديد القاف من التفضيل إذا ذكر الأبواب كما يقال أغلقت الباب، وغلقت الأبواب م:(فهو على هذا الخلاف) ش: أي الخلاف المذكور، يعني لا يقطع عندهما خلافاً لأبي يوسف م:(في الصحيح) ش: احترز به عما يقوله بعض المشايخ إنه يقطع، وقال السرخسي: في مبسوطه والأصح عندي أنه لا يقطع.