ولهما أن الصبغ قائم صورة ومعنى، حتى لو أراد أخذه مصبوغا يضمن ما زاد الصبغ فيه، وحق المالك في الثوب قائم صورة لا معنى؛ لأنه غير مضمون على السارق بالهلاك والاستهلاك، فرجحنا جانب السارق، بخلاف الغصب؛ لأن حق كل واحد قائم صورة ومعنى فاستويا من هذا الوجه، فرجحنا جانب المالك لما ذكرنا، ولو صبغه أسود أخذ منه في المذهبين، يعني عند أبي حنيفة ومحمد - رحمهما الله-. وعند أبي يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ - هذا والأول سواء، لأن السواد زيادة عنده كالحمرة. وعند محمد زيادة أيضا كالحمرة ولكنه لا يقطع حق المالك لما مر، وعند أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - السواد نقصان فلا يوجد انقطاع حق المالك.
ــ
[البناية]
م:(ولهما) ش: أي ولأبي حنيفة وأبي يوسف م: (أن الصبغ قائم صورة ومعنى) ش: أما صورة فظاهر.
وأما معنى فمن حيث القيمة م:(حتى لو أراد) ش: أي المالك م: (أخذه) ش: أي أخذ الثوب حال كونه م: (مصبوغاً يضمن ما زاد الصبغ فيه، وحق المالك في الثوب قائم صورة لا معنى؛ لأنه غير مضمون على السارق بالهلاك والاستهلاك، فرجحنا جانب السارق) ش: لأن مراعاة ما هو قائم صورة ومعنى أولى من مراعاة ما هو قائم صورة لا معنى، فرجحنا قول السارق أولاً بالوجود، كالموهوب له إذا صبغ الثوب أحمر القطع حق الواهب.
م:(بخلاف الغصب؛ لأن حق كل واحد) ش: من المالك والغاصب م: (قائم صورة ومعنى فاستويا) ش: أي فاستويا المالك والغاصب م: (من هذا الوجه) ش: أي من حيث إن حق كل منهما قائم صورة ومعنى فلم يكن الترجيح بالوجود، فرجحنا بالبقاء وهو أن الثوب أصل قائم والصبغ تابع وهو معنى قوله: فلم يكن الترجيح بالوجود م: (فرجحنا جانب المالك لما ذكرنا) ش: إشارة إلى قوله والجامع كون الثوب أصلاً قائماً، وكون الصبغ تابعاً.
م:(ولو صبغه أسود) ش: أي ولو صبغ السارق الثوب صبغاً أسود فقطع م: (أخذ) ش: أي الثوب م: (منه) ش: أي من السارق م: (في المذهبين، يعني عند أبي حنيفة، ومحمد - رحمهما الله-، وعند أبي يوسف هذا والأول سواء) ش: أي أن الحكم في الصبغ الأسود والأحمر سواء عنده م: (لأن السواد زيادة عنده كالحمرة) ش: فلا يؤخذ هذا الثوب من السارق م: (وعند محمد زيادة أيضاً كالحمرة، ولكنه لا يقطع حق المالك لما مر) ش: أن الصبغ تابع م: (وعند أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - السواد نقصان فلا يوجب انقطاع حق المالك) ش: فلم يكن حق السارق فيه قائماً معنى فاستويا، فرجح جانب المالك كما قلنا. قال في المختلف: وهذا اختلاف عصر وزمان لا اختلاف حجة وبرهان، فإن الناس ما كانوا يلبسون السواد في زمنه ويلبسون في زمنهما.