للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأن الجنايات تتفاوت على الأحوال، فاللائق تغلظ الحكم بتغلظها، أما الحبس في الأولى فلأنه هو المراد بالنفي المذكور؛ لأنه نفي عن وجه الأرض بدفع شرهم عن أهلها ويعزرون أيضا لمباشرتهم منكر لإخافة، وشرط القدرة على الامتناع، لأن المحاربة لا تتحقق إلا بالمنعة.

والحالة الثانية كما بيناها

ــ

[البناية]

ما ذكره في المتن. م: (ولأن الجنايات تتفاوت على الأحوال) ش: أي على حسب الأحوال الواقعة في قطع الطريق م: (فاللائق تغلظ الحكم) ش: أي الجزاء م: (بتغلظها) ش: أي بتغلظ الجناية لا بالتخيير؛ لأنه مستلزم مقابلة الجناية الغليظة جزاء خفيف أو بالعكس، وهو خلاف مقتضى الحكمة.

م: (أما الحبس في الأولى) ش: أي في الحالة الأولى م: (فلأنه) ش: أي فلأن الحبس م: (هو المراد بالنفي المذكور؛ لأنه) ش: أي لأن الحبس م: (نفي عن وجه الأرض بدفع شرهم عن أهلها) ش: وعند الشافعي ينفى من بلد إلى بلد لا يزال يطلب، وهو هارب فزعاً. وقال النخعي وقتادة وعطاء وأحمد: النفي تشريدهم عن الأمصار؛ لأن النفي مستعمل في الطرد والإبعاد.

ويروى نحو هذا عن الحسن والزهري. وعن ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أنه ينفى من بلده إلى بلد غيره، وبه قالت طائفة من أهل العلم، وما قلناه أولى، لأن تشريدهم بدون الحبس إخراج لهم إلى مكان يقطعون الطريق ويؤذون الناس.

وظاهر الآية تدل على أن النفي من وجه الأرض، ولا يمكن أن ينفى من جميع وجه الأرض؛ لأن ذا لا يتحقق ما دام حياً.

والمراد عن بعضها وهو بلده، وبه لا يحصل المقصود، وهو رفع أذاه عن الناس وإن كان في دار الإسلام إلى دار الحرب ففيه تعريضه على الردة وصيرورته حربياً، فعلم أن المراد نفيه عن جميع وجه الأرض لدفع شره، ولا يمكن هذا إلا بالحبس، لأن المحبوس يسمى خارجاً من الدنيا.

وقال صالح بن عبد القدوس:

خرجنا عن الدنيا ونحن من أهلنا ... فلسنا من الأحياء فيها ولا الموتى

إذا دخل السجان يوماً لحاجة ... عجبنا وقلنا جاء هذا من الدنيا

م: (ويعزرون أيضاً لمباشرتهم منكر الإخافة) ش: الإخافة مصدر من أخاف يخيف إخافة، وقال أبو بكر لا حد فيه، فيجب في مثله الحبس والتعزير.

م: (وشرط القدرة على الامتناع) ش: أي شرط القدوري قدرة قطاع الطريق على كونهم ممتنعين م: (لأن المحاربة لا تتحقق إلا بالمنعة) ش: لأنه إذا لم يكن لهم منفعة وقوة على قطع الطريق لا يسمون قطاع الطريق، بل لهم لصوص دائرون يترقبون الغفلة عن الناس ليأخذوا أشياء.

م: (والحالة الثانية كما بيناها) ش: أي كما بينا حكماً من قطع أيديهم وأرجلهم من خلاف م:

<<  <  ج: ص:  >  >>