وإن كان يجن ويفيق فهو في حال إفاقته كالصحيح. ويكره أن يبتدئ الرجل أباه من المشركين فيقتله لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وصاحبهما في الدّنيا معروفا}[لقمان: ١٥](لقمان: الآية ٣٥) ، ولأنه يجب عليه إحياؤه بالإنفاق عليه فيناقضه الإطلاق في إفنائه، فإن أدركه امتنع عليه حتى يقتله غيره، لأن المقصود يحصل بغيره من غير اقتحامه المأثم، وإن قصد الأب قتله بحيث لا يمكنه دفعه إلا بقتله لا بأس به، لأن مقصوده الدفع، ألا ترى أنه لو شهر الأب المسلم سيفه على ابنه ولا يمكنه دفعه إلا بقتله يقتله لما بينا، فهذا أولى
ــ
[البناية]
الناس، فإن خالطوا يقتلون كالقسيس وغيره، وكذلك الراهب إن دل على عورة المسلمين جاز قتله م:(وإن كان) ش: أي المجنون م: (يجن ويفيق فهو في حال إفاقته كالصحيح) ش: يعني يقتل حال إفاقته سواء وجد منه القتال أو لا لكونه مقاتلاً مخاطباً، ولا خلاف فيه للأئمة الأربعة.
م:(ويكره أن يبتدئ الرجل أباه من المشركين فيقتله) ش: بنصب اللام م: (لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا}[لقمان: ١٥] (لقمان: الآية ٣٥) ش: وفي السير الكبير: المراد الأبوان المشركان بدليل قَوْله تَعَالَى: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي}[لقمان: ١٥](لقمان الآية ٣٥) ، وليس من المعروف أن يقتله أن يتركهما حرزاً للسباع، وروي أنه - عَلَيْهِ السَّلَامُ - منع أبا بكر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عن قتل أبيه يوم بدر، ولا خلاف عليه.
م:(ولأنه) ش: أي ولأن الابن م: (يجب عليه إحياؤه) ش: أي إحياء أبيه م: (بالإنفاق عليه) ش: والإنفاق سبب الإحياء م: (فيناقضه الإطلاق في إفنائه) ش: أي تناقض الإحياء إطلاقاً وقتل بإفنائه ولزوم المناقض لا يجوز، وقال الأترازي: الإطلاق في إفنائه، أي إفناء الأب م:(فإن أدركه) ش: أي فإن أدرك الابن أباه في الحرب م: (امتنع عليه) ش: أي امتنع الابن عن قتل أبيه وانتفاء عليه بأن يعالجه فيضرب قوائم فرسه ونحو ذلك.
م:(حتى يقتله غيره) ش: أي غير الابن لئلا يلحقه مأثم بمباشرة قتل أبيه، وفي " الذخيرة ": لو ظفر عليه قتل أبيه لا ينبغي أن يقصده بالقتل، ولا ينبغي أن يمكنه من الرجوع حتى لا يعود حرباً علينا، ولكنه يلحقه إلى موضع يتمسك به حق غيره فيقتله، م:(لأن المقصود) ش: أي من يقتله م: (يحصل بغيره) ش: أي بغير الابن م: (من غير اقتحامه الإثم) ش: أي من غير دخوله في الإثم بقتل أبيه.
م:(وإن قصد الأب قتله) ش: أي قتل ابنه م: (بحيث لا يمكنه دفعه) ش: أي بحيث لا يمكن الابن دفع أبيه عنه م: (إلا بقتله لا بأس به) ش: أي يقتله حينئذ م: (لأن المقصود الدفع) ش: عن نفسه م: (ألا ترى أنه لو شهر الأب المسلم سيفه على ابنه) ش: وقد قصد قتل ابنه م: (ولا يمكنه دفعه إلا بقتله يقتله لما بينا) ش: أشار به إلى قوله لأن مقصوده الدفع م: (فهذا أولى) ش: لأنه كان هكذا في الأم والجد والجدة، ولو كان المشرك حالا أن يبتدئ بالقتل، وعند الشافعي يكره أن يقتل ذا