لهما أن المال تابع للنفس وقد صارت معصومة بإسلامه فيتبعها ماله فيها. وله أنه مال مباح فيملك بالاستيلاء والنفس لم تصر معصومة بالإسلام، ألا ترى أنها ليست بمتقومة، إلا أنه محرم التعرض في الأصل لكونه مكلفا وإباحة التعرض يعارض شره، وقد اندفع بالإسلام، بخلاف المال، لأنه خلق عرضة للامتهان، فكان محللا للتملك، وليست في يده حكما فلم تثبت العصمة
ــ
[البناية]
وقالا: لا يكون فما تصحيح غير صحيح فتأمل وتدبر.
م:(لهما) ش: أي لأبي يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ - ومحمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - م:(أن المال تابع للنفس وقد صارت) ش: أي نفسه م: (معصومة بإسلامه فيتبعها ماله فيها) ش: أي يتبع ماله نفسه في العصمة.
م:(وله) ش: أي ولأبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - م:(أنه مال مباح فيملك بالاستيلاء) ش: يعني الذي غصبه المسلم أو الذمي من الحربي الذي أسلم مال مباح لأنه ليس بمعصوم، والمباح تمليك بالاستيلاء، فكان فيئاً للغزاة م:(والنفس لم تصر معصومة بالإسلام) ش: جواب عن قولهما: إن المال تابع النفس وقد صارت معصومة بالإسلام فيتبعه مالها فيها، أي في العصمة.
وتقرير الجواب أنا لا نسلم أن النفس صارت معصومة بالإسلام، وأوضح ذلك بقوله م:(ألا ترى أنها) ش: أي أن النفس م: (ليست بمتقومة) ش: لأن العصمة المتقومة لا تثبت إلا بدار الإسلام، ولهذا إذا قتله مسلم عمداً أو خطأ لا يجب القصاص ولا الدية عندنا، خلافاً للشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -.
ولكنها معصومة بالعصمة إليه أشار إليه بقوله: م: (إلا أنه محرم التعرض في الأصل) ش: هذا في الحقيقة جواب عما يقال لو لم تكن معصومة لما كانت تحرم التعرض كالحربي، وليس كذلك، وتقدير الجواب أنه يحرم التعرض في الأصل يعني في نفس الأمر م:(لكونه مكلفاً) ش: أي لكون الآدمي مخلوقاً لتحمل أعباء التكليف، ولا يتمكن من إقامتها إلا بالبقاء، ولا بقاء إلا بالعصمة وحرمة التعرض.
م:(وإباحة التعرض) ش: إنما هي م: (يعارض شره، وقد اندفع بالإسلام) ش: فعادت إلى أصلها لا باعتبار أنها معصومة.
م:(بخلاف المال، لأنه خلق) ش: في الأصل م: (عرضة للامتهان) ش: بأنواع الانتفاعات م: (فكان محلاً للتمليك) ش: فكان المقتضي موجوداً، والمانع منتف، لأن المانع كونه في يده حقيقة وحكماً م:(وليست في يده حكماً) ش: لأن يد الغاصب ليست بنائية عن يد المالك م: (فلم تثبت العصمة) ش: فيجعل كأنه ليس في يد أحد فكان فيئاً.