للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيه فتتعلق بما علق به الأصل. ولنا قَوْله تَعَالَى: {فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: ٩٢] (النساء: الآية ٩٢) ، جعل التحرير كل الموجب رجوعا إلى حرف الفاء، أو إلى كونه كل المذكور، فينتفي غيره، ولأن العصمة المؤثمة بالآدمية؛ لأن الآدمي خلق متحملا لأعباء التكليف، والقيام بها

ــ

[البناية]

الأصل وهو العصمة المؤثمة م: (فيتعلق) ش: أي يتعلق الوصف الذي هو المقومة بالإسلام م: (بما علق به الأصل) ش: وهو العصمة المؤثمة، وهي تتعلق بنفس الإسلام، وكذا العصمة المقومة أيضاً فتثبت العصمة به جميعاً بالإسلام، فتجب الكفارة والدية بقتل الذي لم يهاجر إلينا.

م: (ولنا قَوْله تَعَالَى: {فَإِنْ كَانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: ٩٢] (النساء: الآية ٩٢)) ش: وإن أبا حنيفة يؤول هذه الآية بالذين أسلموا في دار الحرب ولم يهاجروا، وهو المنقول عن بعض أئمة التفسير.

ووجه الاستدلال بالآية أن الله تعالى بين المؤمن المطلق، وبين المؤمن الذي هو من قوم عدو لنا في حق الحكم المختص بالقتل، فجعل الحكم في الأول الكفارة بقوله: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} [النساء: ٩٢] وفي الثاني الكفارة دون الدية بقوله: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [النساء: ٩٢] بيان ذلك من وجهين:

أحدهما: م: (جعل التحرير كل الموجب) ش: بفتح الجيم م: (رجوعاً) ش: أي من حيث الرجوع م: (إلى حرف الفاء) ش: فإنه للجزاء، اسم لما يكون كافياً، فإذا كان كافياً كان كل الموجب، فإذا وجب غيره ما يكون التحرير كافياً ولا كل الجزاء.

والوجه الثاني: وهو قوله م: (أو إلى كونه) ش: أي أو رجوعا إلى كونه التحرير م: (كل المذكور) ش: حيث لم يذكر غيره م: (فينتفي غيره) ش: أي غير التحرير، لأن قصد الشارع في مثله إخراج العبد عن عهدة الحكم المتعلق بالحادثة ولا يتحقق ذلك إلا ببيان الحكم كله. فلو كان غيره من تتمة هذا الحكم لذكره في موضع البيان.

وقال مولانا حافظ الدين: بيان الشارع على نوعين: بيان كفاية وبيان نهاية، وهاهنا بيان النهاية، فلا يجوز أن تكون الدية واجبة ولا ذكرها، إذ لو وجبت لكان البيان قاصراً، فيلزم التكرار.

م: (ولأن العصمة المؤثمة) ش: هذا دليل معقول، بيان ذلك أن العصمة المؤثمة متعلقة م: (بالآدمية لأن الآدمي خلق متحملاً لأعباء التكليف) ش: أي لأثقاله، جمع عبأ بالكسر، وهو المحل، ومن خلا من شيء وجب عليه القيام به فالآدمي وجب عليه القيام بأعباء التكاليف م: (والقيام بها)

<<  <  ج: ص:  >  >>