من غير نكير، فكان إجماعا، ولأن المؤن متفاوتة، فالكرم أخفها مؤنة، والمزارع أكثرها مؤنة، والرطاب بينهما، والوظيفة تتفاوت بتفاوتها، فجعل الواجب في الكرم في أعلاها وفي الزرع أدناها وفي الرطبة أوسطها، قال: وما سوى ذلك من الأصناف كالزعفران
ــ
[البناية]
كان ما نقل عن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بحضور من صحابة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - م: (من غير نكير، فكان إجماعا ") ش: أي من غير أن ينكر عليه أحد منهم، فكان إجماعاً على ذلك.
م:(ولأن المؤن) ش: بضم الميم وفتح الهمزة جمع مؤنة بفتح الميم وضم الهمزة. وفي " المغرب " المؤنة: الثقل بقوله: من: مانت القوم: إذا اجتمعت مؤنتهم، وقيل: من: منت الرجل مؤنة. وقيل: هي مفعلة عن الأون والأين، والأول أصح.
وقال الجوهري: المؤنة تهمز ولا تهمز وهي فعولة. وقال الفراء هي مفعلة من الأين وهو التعب والشدة، ويقال: هي مفعلة من الأون وهو الخروج والعدل، لأنه ثقل على اللسان.
ومانت القوم أمانهم أماناً: إذا حملت مؤنتهم. ومن ترك الهمزة قال: منتهم م: (متفاوتة) ش: والتفاوت الفوت أثر في تفاوت الواجب.
ألا ترى أن الواجب فيما سقي سيحاً من الأرض العشرية وهو العشر، وفيما سقي بغرب أو دالية أو سمانية نصف العشر.
م:(فالكرم أخفها مؤنة) ش: أي أخف الأشياء المذكورة وهي الرطبة، والكرم والنخل وريعه أكثر، فالواجب فيه أعلى وهو عشرة دراهم.
وهذا لأنه يبقى دهرً مديداً مع قلة المؤنة م:(والمزارع أكثرها) ش: أي أكثر الأشياء المذكورة م: (مؤنة) ش: لأن الزرع يحتاج فيه إلى الكرب وإلقاء البذر والحصاد والدياس ونحو ذلك كل سنة.
م:(والرطاب بينهما) ش: أي بين الأخف والأكثر، لأنه لا يحتاج إلى إلقاء البذر كل عام ولا بذرية فيها أصلاً، وتدوم أعواماً ليس كدوام الكرم، فكان الواجب فيما بين الأمرين وهو خمسة دراهم. قلت: هذا الذي قاله الشرح باعتبار عادة بلادهم، وأما في بلاد مصر ففي كل سنة يزرعونها.
م:(والوظيفة تتفاوت بتفاوتها) ش: أي بتفاوت المؤنة كما ذكرنا م: (فجعل الواجب في الكرم في أعلاها) ش: أي في أعلي المؤن م: (وفي الزرع أدناها، وفي الرطبة أوسطها. قال) ش: أي القدوري م: (وما سوى ذلك من الأصناف) ش: أي ما سوى جريب الزرع وجريب الرطبة وجريب الكرم م: (كالزعفران) ش: وفي النهاية أي أرض الزعفران تلحق بأرض الزرع أو الرطبة أو الكرم، وبأيها كانت أشبه في قدر العنة فهو مبلغ الطاقة، كذا ذكره الإمام التمرتاشي.