لِقَوْلِهِ تَعَالَى {مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ}[التوبة: ٢٩](التوبة: الآية ٢٩) ، ووضع رسول الله - عَلَيْهِ السَّلَامُ - الجزية على المجوس. قال: وعبدة الأوثان من العجم وفيه خلاف الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -
ــ
[البناية]
وفرق النصارى من اليعقوبية والنسطورية والملكية الفرنج والروم والأدنى، وغيرهم ممن دان بالإنجيل وانتسب إلى عيسى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - والعمل بشريعتهم، فكلهم من أهل الكتاب.
واختلف أهل العلم في الصابئين، عن أحمد أنهم جنس من النصارى. وعن عمر: هم ينسبون بهم من اليهود. وقال مجاهد: بين اليهود والنصارى. وقال الذمي الزبيع: هم أهل الكتاب، وتوقف الشافعي فيهم.
ويروى عنهم أنهم يقولون: الفلك حسي ناطق، والكواكب السبعة آلهة. والصحيح أنهم إن كانوا يقرون نبي كتاب فهم من أهل الكتاب، وإن كانوا من عبدة الكواكب فهم كعبدة الأوثان، وقد مر في النكاح. وأما المجوس فلهم شبهة الكتاب، فيجوز أخذ الجزية بالحديث منهم.
ولا يجوز نكاح نسائهم ولا ذبائحهم، وعليه أكثر أهل العلم. وعن أبي ثور أنهم من أهل الكتاب، فتحل نساؤهم وذبائحهم لما روي عن علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنهم كانوا أهل كتاب، فلما وقع ملكهم على بنته أو أخته رفع العلم عن صدورهم وما بقي كتابهم.
م:(لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ}[التوبة: ٢٩] (التوبة: الآية ٢٩)) ش: هذا صريح في جواز أخذ الجزية من أهل الكتاب، سواء كانوا من العرب والعجم، ولهذا ذكر أهل الكتاب مطلقاً م:«ووضع رسول الله - عَلَيْهِ السَّلَامُ - الجزية على المجوس» ش: حتى «شهد عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أخذها من مجوس هجر،» انتهى. وهجر بفتحتين اسم بلد في البحرين.
م:(قال) ش: أي القدوري في مختصره: م: (وعبدة الأوثان من العجم) ش: هو بالجر عطفاً على أهل الكتاب، وقيد بقوله: من العجم، احترازاً عن عبدة الأوثان من العرب، فإنهم لا توضع عليهم الجزية على ما ذكر في الكتاب م:(وفيه خلاف الشافعي) ش: فإن عنده لا يؤخذ إلا من أهل الكتاب والمجوس.
وله في أهل الكتاب غير اليهود والنصارى مثل أصحاب صحف إبراهيم وشيث وإدريس وزبور داود، ومن تمثل بدين آدم، والسامرة والصابئين، وجهان: أحدهما: تؤخذ. والثاني لا، والوثني إذا دخل في دين أهل الكتاب بعد المسيح لم يؤخذ منه الجزية، وقال المزني: تؤخذ.
وقال مالك: يؤخذ من جميع الكفار إلا مشركي قريش، لأنهم ارتدوا. وعندنا تؤخذ من جميع الكفار إلا من عبدة الأوثان، وبه قال أحمد في رواية عنه، وفي رواية: لا تؤخذ إلا من أهل