ولنا قوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «ليس على مسلم جزية» ولأنها وجبت عقوبة على الكفر، ولهذا تسمى جزية، وهي والجزاء واحد وعقوبة الكفر تسقط بالإسلام ولا تقام بعد الموت. ولأن شرع العقوبة في الدنيا لا يكون إلا لدفع الشر، وقد اندفع بالموت والإسلام،
ــ
[البناية]
فإن قيل: الجزية حق مال وجب على الكافر على كفره فوجب أن لا يسقط بالإسلام كخراج الأرض.
أجيب: بأن خراج الرأس وقيد الصغار بالنص، ولهذا لا يوضع على المسلم أصلاً، بخلاف خراج الأرض فإنها على الصغار، ولهذا لا يوجد في أرض خراجية المسلم، فافترقا.
م:(ولنا قوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ -) ش: أي قول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - م:«ليس على مسلم جزية» ش: هذا الحديث رواه أبو داود في الخراج، والترمذي في الزكاة عن جرير عن فائز بن أبي طيبان عن أبيه عن ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ليس على مسلم جزية» .
قال أبو داود: سئل أبو يوسف من الثوري - رَحِمَهُ اللَّهُ - عن هذا؟ فقال: يعني إذا أسلم فلا جزية عليه. وقال الترمذي: وقد روي عن موسى عن أبيه عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مرسلا. ورواه في " مسنده " والدارقطني في " سننه " وسكت عنه.
وقد روي باللفظ الذي فسره به سفيان. قال الطبراني في " معجمه الأوسط " بإسناده عن ابن عمر عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من أسلم فلا جزية عليه»
م:(ولأنهما) ش: ولأن الجزية م: (وجبت عقوبة على الكفر، ولهذا) ش: إيضاح لوجوب الجزية عقوبة على الكفر م: (تسمى جزية وهي) ش: أي الجزية م: (والجزاء واحد) ش: يعني إذا سميت جزاء من الجزاء، لأنها عقوبة تقع جزاء على الإصرار على الكفر م:(وعقوبة الكفر تسقط بالإسلام ولا تقام بعد الموت) ش: أي ولا تقام الجزية بعد الموت، يعني لا يوجد بعد الموت من عليه الجزية وإن خلف شيئاً، لأن الموت كالقتل، لأنها خلف عن القتل.
ولهذا سميت جزية وهو عقوبة، ولهذا يستوفى بطريق الذلة والصغار ويستحق بالجناية، ولا جناية أعظم من الكفر، وعقوبة الكفر في الدنيا لا تكون إلا بدفع الشر، وقد صار مدفوعاً بالموت والإسلام، فيسقط، وهذا معنى قوله م:(ولأن شرع العقوبة في الدنيا لا يكون إلا لدفع الشر وقد اندفع) ش: أي الشر م: (بالموت والإسلام) ش: أي بموت من عليه الجزية أو بالإسلام