وهو حجة على الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - في اشتراط السبع، ولأن ما يصيبه بوله يطهر بالثلاث،
ــ
[البناية]
وقد شنع ابن حزم هاهنا على أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - وأساء الأدب وقد قال أبو حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لا يغسل الإناء من ولوغ الكلب إلا مرة واحدة، وأن كل ما في الإناء يهراق أي شيء كان، وهذا قول لا يحفظ عن أحد من الصحابة ولا من التابعين، واحتج له بعض مقلديه بأن أبا هريرة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قد روي عنه أنه خالفه، وهو باطل؛ لأنه روى هذا الخبر الساقط عبد السلام بن حرب وهو ضعيف، وعلى صحة رواية شرط الثلاث فلم يحصلوا إلا على خلاف السنة وخلاف ما أعرضوا به عن أبي هريرة فإن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اتبعوا ولا أبا هريرة الذي احتجوا به قلدوا.
قلت: هذا كلام في غاية السخافة والتفاهة، لأن السخافة والتفاهة لم يقل فيه بالرأي ولا أحد من أصحابه، بل مذهبه أن يغسل ثلاث مرات كما أفتى به أبو هريرة، وكيف يقول: هذا قول لا يحفظ عن الصحابة، والحكم عن حديث عبد السلام بالسقوط ساقط باطل، وعبد السلام ثقة مأمون حافظ أخرج له الجماعة واعترض أيضا ابن قدامة [في المغني] علينا حيث قال: قال أبو حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - لا يجب العدد في شيء من النجاسة إنما يغسل حتى يغلب على الظن نقاؤه من النجاسة، وفي الحديث الصحيح نص على السبع، وفي آخر خير بين الثلاث والخمس والسبع وحديثهم يرويه عبد الوهاب بن الضحاك وهو ضعيف.
قلت: قد مر الجواب عن هذا في حديث أبي هريرة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - المذكور فيما مضى.
م:(وهو حجة على الشافعي في اشتراط السبع) ش: أي حديث أبي هريرة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - المذكور حجة على الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - في اشتراط السبع مرات في ولوغ الكلب في الإناء، وقد ذكرنا وجه ذلك، وقال بعضهم: وكان ينبغي أن يقول: وعلى مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - في عدم تنجيس الماء. قلت: لم يقل ذلك لأنه روي عنه ما يقتضي أنه النجاسة، وقال أصحابه: وإذا فرضنا الغسل بعد النجاسة فهل هو على الندب أو الوجوب، فيه روايتان، وكذلك في إلحاق الخنزير، وكذلك في اختصاص ذلك بالنهي عن اتخاذ الكلب أو تعميمه في جنس الكلاب، وأيضا هل يختص هذا الحكم بالماء أو بغيره أيضا؟ ففي رواية ابن القاسم في الماء خاصة، وفي رواية ابن وهب: إن إناء الطعام بمنزلة إناء الماء، وأيضا هل يراق الماء والطعام؟ فيه ثلاثة أقوال، إراقتها، وترك الإراقة فيها، وتخصيصها بالماء دون الطعام. وهل يغسل الإناء بالماء الذي ولغ فيه الكلب؟ فقال الغزوني من علمائهم: لا أعلم من أصحابنا نصا فيه، وحكى الشيخ أبو طاهر عن بعض أشياخه أنه ذكر أن المذهب على قولين في ذلك ثم عندهم: يغسل بجماعة الكلاب سبعا وللكلب الواحد إذا تكرر منه سبعا وقيل: سبعا سبعا.
م:(ولأن ما يصيبه بوله يطهر بالثلاث) ش: أي: ولأن ما يصيبه بول الكلب من الثياب وغيرها