للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأنه كافر حربي بلغته الدعوة فيقتل للحال من غير استمهال، وهذا لأنه لا يجوز تأخير الواجب لأمر موهوم. ولا فرق بين الحر والعبد لإطلاق الدلائل. وكيفية توبته أن يتبرأ عن الأديان كلها سوى الإسلام؛ لأنه لا دين له.

ــ

[البناية]

وروي عن معاوية بن حيدة، أخرجه الطبراني في الكبير قال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من بدل دينه فاقتلوه» أن لا تقبل توبته عن الكفر بعد إسلامه. وروي عن عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أخرجه الطبراني في معجمه الأوسط عنها مرفوعاً نحوه سواء.

م: (ولأنه) ش: أي ولأن المرتد م: (كافر حربي بلغته الدعوة فيقتل للحال من غير استمهال) ش: إنما قال كافر حربي؛ لأنه ليس بذمي ولا مستأمن، إذ لا يقبل الجزية، وما طلب الأمان فكان حربياً فيقتل لإطلاق النص. ولأنه بنفس الردة صار محارباً لأهل الإسلام فيقتل، إلا إذا استمهل فيمهل ثلاثة أيام كما مر.

ونقل الناطقي في كتاب " الأجناس " عن كتاب " الارتداد للحبس " فأناب المرتد وعاد إلى الإسلام ثم عاد إلى الكفر حتى فعل ذلك ثلاث مرات، وفي كل مرة طلب من الإمام التأجيل أجله الإمام ثلاثة أيام. فإن عاد إلى الكفر رابعاً ثم طلب التأجيل فإنه لا يؤجله، فإن أسلم وإلا قتل.

وقال الكرخي في " مختصره ": فإن رجع أيضاًَ عن الإسلام يأتي به الإمام بعد ثلاثة استتابات أيضاً. فإن لم يتب قتله ولا يؤجله، وإن هو تاب ضربه ضرباً وجيعاً ولا يبلغ به الحد، ثم يحبسه ولا يخرجه من السجن حتى يرى عليه خشوع التوبة، ويرى من حاله حال إنسان قد أخلص، فإذا فعل ذلك خلى سبيله. فإن عاد بعدما خلى سبيله فعل به مثل ذلك أبداً ما دام يرجع إلى الإسلام، ولا يقتل إلا أن يأبى أن يسلم.

وقال أبو الحسن الكرخي: هذا قول أصحابنا جميعاً أن المرتد يستتاب أبداً. وروي عن علي وابن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أنه لا تقبل توبة بعد المرة الثالثة؛ لأنه مستحق السبي وليس بثابت م: (وهذا) ش: أي قتله للحال من غير إمهال م: (لأنه) ش: أي لأن القتال م: (لا يجوز تأخير الواجب) وهو القتل م: (لأمر موهوم) ش: وهو إسلام المرتد م: (ولا فرق بين الحر والعبد) ش: أي لا فرق في قتل المرتد أن يكون حراً أو عبداً إذا أبى الإسلام م: (لإطلاق الدلائل) ش: هو قَوْله تَعَالَى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: ٥] ، وقوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «من بدل دينه فاقتلوه» وغيرهما من غير فصل بين الحر والعبد. م: (وكيفية توبته) ش: أي توبة المرتد م: (أن يتبرأ عن الأديان كلها سوى الإسلام لأنه لا دين له) ش: يعني لو كان له دين كاليهودية والنصرانية يوجب عليه أن يبرأ عن ذلك، ولكن ليس له دين فلأجل هذا يبرأ عن الأديان كلها سوى دين الإسلام بعد أن يأتي بالشهادتين.

<<  <  ج: ص:  >  >>