للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأن لحمهما نجس ومنه يتولد اللعاب، وهو المعتبر في الباب،

ــ

[البناية]

السلام نهى عن كل ذي ناب من السباع وذي مخلب من الطيور» والمراد بها الجوارح، فدل على أن كل ذي ناب حرام، نهي عن أكل كل ذي ناب حرام مع صلاحيته للغذاء لا لكرامته فيكون نجسا ولعابه متولد من اللحم النجس فيمزج بسؤره.

وقد استدل السغناقي وصاحب " الدراية " لأصحابنا بحديث مالك المذكور فقالا: ولولا أنهما - يعني أن عمر بن الخطاب وعمرو بن العاص - كانا يريان التنجيس بورودهما وإلا لم يكن لسؤال عمرو ولا عمر لنهي. والمعنى في المسألة أنها في سؤر السباع يمكن الاحتراز عنه فكان نجسا قياسا على الخنزير. وقد استدل بعض الشراح للشافعي بهذا الحديث كما ذكرناه. ولنا من حيث العقل، فقد أشار المصنف إليه بقوله:

م: (لأن لحمهما) ش: أي لحم الكلب والخنزير م: (نجس ومنه يتولد اللعاب) ش: فيمتزج به السؤر، وفيه إيراد على المصنف وهو أنه يرى طهارة لحم الكلب وجلده بالذكاة وهو قول جماعة أيضا، وهاهنا تمسك بنجاسة السؤر بنجاسة اللحم، وقد ذكر أنه يطهر بالذكاة وكان نجسا بالمجاورة من الدماء والرطوبات النجسة فلزم أن يكون لعابه طاهرا، فإن لحم الشاة نجس أيضا بالمجاورة حتى لو لم يذك حكم بعدم تطهيرها.

وأجيب عنه بأن اللحم وإن كان نجس العين يحتمل أن يتبدل إلى الطهارة بأمر شرعي، فإن جلد الميتة نجس العين حتى لم يجز بيعه بالاتفاق، ولو كان نجسا بالمجاورة لجاز بيعه كالثوب النجس والدهن النجس، ثم الدباغ أثر فيه وطهره كتخليل الخمر، فعلم أن ما هو نجس العين يحتمل التبدل إلى الطهارة بأمر شرعي، ثم الذكاة تؤثر في الجلد الذي هو نجس العين إلى الطهارة، فيجوز أن يؤثر في اللحم أيضا فيكون اللحم نجس العين قبل الذكاة وبعدها طاهر كالخمر قبل التخليل نجس العين وبعده طاهر، ولا يلزم على هذا الخنزير؛ لأن الذبح لما لم يؤثر في جلده لإخراج الشرع إياه عن قبوله ولم يؤثر في لحمه أيضا، فثبت أن طهارة اللحم بالذبح لا تنافي النجاسة قبله، وفيه نظر لأنه يؤدي إلى تخصيص العلة، لأن نجاسة اللحم إنما عرفت من حرمة الأكل لا للكرامة مع صلاحية الغذاء وهي باقية بعد الذكاة، فلو قلنا بطهارة اللحم مع بقاء الحرمة المستدعية للتنجيس كان نقضا وتخصيصا، وحرمة بيع جلد الميتة ليست بنجاسة العين بل باعتبار اتصال الرطوبات النجسة بالجلد.

م: (وهو المعتبر في الباب) ش: أي الاستدلال بنجاسة اللعاب وطهارته المعتبرة في هذا الباب، وأراد بالباب نفس فقه هذا الموضع.

وأما الجواب عن أحاديث الشافعي، فحديث أبي هريرة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - معلول

<<  <  ج: ص:  >  >>