للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لاحتمال افتقاره في مدة التعريف، والفقير قد يتوانى لاحتمال استغنائه فيها، وانتفاع أبي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كان بإذن الإمام وهو جائز بإذنه،

ــ

[البناية]

الانتفاع بها بعد التعريف يرفعها رجاء أن يؤول إليه، وتقرير الجواب أن الغني محمول على الأخذ، يعني كونه حاملاً لرفعها م: (لاحتمال افتقاره في مدة التعريف) ش: يعني يحتمل أن يكون فقيراً في مدة التعريف.

م: (والفقير قد يتوانى) ش: أي قد يتكاسل في الأخذ م: (لاحتمال استغنائه فيها) ش: أي في مدة التعريف، فيكون الحاصل في كل منهما رفع اللقطة والحاجة إليها، وكذلك في كل منهما مال عدم رفعها، إلا أن الحامل في الغني لا يوجب الانتفاع بها بخلاف الفقير وتطرق الاحتمال في المال لا يؤثر في الحال.

فإن قلت: في صحيح البخاري عن زيد بن خالد الجهني: «فإن جاء صاحبها وإلا فشأنك» فدل على الانتفاع للملتقط غنياً كان أو فقيراً.

قلت: معنى شأنك الزم شأنك بها في الحفظ لصاحبها م: (وانتفاع أبي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كان بإذن الإمام) ش: هذا جواب عن استدلال الشافعي بحديث أبي بن كعب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بيانه أن انتفاع أبي ابن كعب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كان بإذن الإمام تخصيصاً له، كما في شهادة خزيمة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - م: (وهو جائز بإذنه) ش: أي الانتفاع باللقطة بعد مدة التعريف جائز للغني بإذن الإمام على وجه يكون قرضاً.

وهذا الجواب الذي أجاب به المصنف عن حديث أبي بن كعب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - إنما يمشي على كون أبي غنياً؛ لأنه قال فيما مضى وكان من المياسير، وقد قلنا فيما مضى أنه كان فقيراً وبينا ذلك، قال الأترازي في جوابه عن حديث أبي، قال أصحابنا: إنه كان فقيراً وذكر حديث أبي طلحة، وقد ذكرناه.

فإن قلت: قال الترمذي عقيب حديث أبي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - والعمل عليه عند أهل العلم، وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق، قالوا لصاحب اللقطة أن ينتفع بها إذا كان غنياً.

ولو كانت اللقطة لا تحل إلا لمن تحل له الصدقة لم يحل لعلي بن أبي طالب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وقد أمره رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بأكل الدينار حين وجده، ومن لم يعرفه.

قلت: أجيب عن هذا بما أجيب عن حديث أبي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فرواه أبو داود في سننه عن سهل بن سعد «أن علي بن أبي طالب دخل على فاطمة وحسين - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وهما يبكيان، فقال: ما يبكيكما؟ قالا: الجوع، فخرج علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فوجد ديناراً بالسوق، فجاء فاطمة فأخبرها، فقالت: اذهب إلى فلان اليهودي فخذ لنا دقيقاً، فجاء اليهودي

<<  <  ج: ص:  >  >>