فأما شركة المفاوضة فهي أن يشترك الرجلان فيتساويان في مالهما وتصرفهما ودينهما؛ لأنها شركة عامة في جميع التجارات يفوض كل واحد منهما أمر الشركة إلى صاحبه على الإطلاق إذ هي من المساواة. قال قائلهم:
لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم ... ولا سراة إذا جهالهم سادوا
ــ
[البناية]
داخل في الوجوه المذكورة بحيث العطف ثم شرع بين هذه الأربعة بالفاء التفصيلية بقوله م:(فأما شركة المفاوضة فهي أن يشترك الرجلان فيتساويان في مالهما) ش: المراد من التساوي في المال التساوي في مال يصح فيه الشركة على ما يجيء عن قريب.
م:(وتصرفهما ودينهما لأنها شركة عامة في جميع التجارات يفوض كل واحد منهما أمر الشركة إلى صاحبه على الإطلاق) ش: يعني بغير قيد بشيء.
م:(إذ هي) ش: أن لأن المعاوضة م: (من المساواة) ش: يعني من حيث المعنى لا من حيث الاشتقاق، ولهذا قال صاحب " المبسوط ": اشتقاق المعاوضة من التعويض، إذ كل واحد منهما مفوض التصرف إلى صاحبه.. انتهى.
وليست هي منفعة من المساواة لعدم شرط الاشتقاق بل من جهة المعنى لأن معنى المعاوضة المساواة المشاركة والمفوضة الشركة والناس فوضى في هذا الأمر أي سواء لا تباين بينهم، كذا ذكره الزمخشري في " الفائق " واستدل المصنف على هذا بقوله م: (قال قائلهم) ش: وهو الأفوه الأدوي الشاعر:
م:
(لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم ... ولا سراة إذا جهالهم سادوا)
ش: وقبله:
يهدي الأمور بأهل الرأي ما صلحت ... فإن تولت فبالجهال تنقاد
ومعنى البيت إذا لم يكن للناس أمير وسيد كان كل واحدا مستقلاً بنفسه فتتحقق المنازعة والفساد، والاستشهاد في قوله فوضى أي لا يصلح الناس المأذون في الأمر.
قوله لا سراة لهم حال، والسراة جمع سري قال في " الصحاح ": هو جمع عزيز لا يعرف غيره جمع فعيل على فعلة، وفي المفصل المسراة اسم جمع السري كركب في الراكب، والسري السيد من سرى فهو سري وهم سرات وسروات أي سارات.
كذا في " المغرب "، وفي " الصحاح "[.....] مروة يقال سرى يسرو ويسري بالكسر يسري سرواً فيهما ويسروا سراوة أي سار سرياً.