«عن شريح: " جاء محمد - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - ببيع الحبس» ؛
ــ
[البناية]
قوله: لا حبس عن فرائض الله تعالى، أي لا مال يحبس بعد موت صاحبه عن القسمة بين ورثته لكنهم يحملون هذا على ما كان عليه أهل الجاهلية من البحيرة والسائبة والوجلة والحاسي، ويقولون الشرع أبطل ذلك كله.
وكنا نقول النكرة في موضع النفي تعم فيتناول كل طريق يكون فيه حبس عن الميراث إلا ما قام عليه الدليل.
وقال شيخ الإسلام خواهر زاده - رَحِمَهُ اللَّهُ - الحبس ما كانوا يفعلونه في الابتداء قبل سورة النساء كانوا [..] العين على ملكهم، ويتصدقون بالعلة ويرون أن بيع الأصل ممتنعًا لمكان الصدقة بالعلة فجاء محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ونسخ هذا وجوز بيعه.
والمعنى هذه المسألة أن هذا تصدق بالعلة المعدومة لا بالعين فلا يمنع البيع ولا الإرث، إذا لم يكن موصى به قياسًا على ما لو قال: تصدقت بعلة هذه الأرض على الفقراء والمساكين أبدًا.
وفي " مبسوط " شيخ الإسلام - رَحِمَهُ اللَّهُ -: الاستدلال بهذا الحديث غير مستقيم؛ لأنه إنما يستقيم هذا إذا تعلق به حق الوارث، فأما إذا كان الوقف قبل التعلق فليس حبس عن فرائض الله كالتصدق بالمنقولات.
فإن قلت: قال ابن حزم - رَحِمَهُ اللَّهُ -: قولهم لا حبس عن فرائض الله، قول فاسد؛ لأنهم لا يختلفون في جواز الهبة والصدقة في الحياة والوصية بعد الموت، فكل هذا سقط لفرائض الله.
قلت: لا نسلم أن هذه الأشياء سقط لفرائض الورثة، أما الهبة والصدقة فإنهما يكونان في حياة الرجل في ذلك الوقت وفرائض للورثة وأما الوصية فإنها لا تنعقد إلا عن الثلث، ففرائض الورثة في الثلثين.
فإن قلت: هذا الحديث ضعيف، كما مر من جهة أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -[..] فكيف يستدل به لأبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -.
قلت: أخرجه الطحاوي بتمامه بإسناد صحيح فقال حدثنا سليمان بن شعيب عن أبي يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ - عن عطاء بن السائب - رَحِمَهُ اللَّهُ - قال سألت شريحًا ... الحديث، وفيه: «لا حبس عن فرائض الله» ، فإن كان الذي روى عن ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - ضعيف، فهذا الذي روى.
م: (وعن شريح) ش: صحيح، ومع هذا جاء عنه أيضًا. م: (" جاء محمد - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - ببيع الحبس ") ش: كما ذكرنا وشريح هو ابن الحارث الكندي وهو قاضي عمر وعثمان وعلي