والمراد منها صدقته الموقوفة، ولا يحل الأكل منها إلا بالشرط، فدل على صحته، ولأن الوقف إزالة الملك إلى الله تعالى على وجه القرابة على ما بيناه، فإذا شرط البعض أو الكل لنفسه فقد جعل ما صار مملوكا لله تعالى لنفسه لا أن يجعل ملك نفسه لنفسه، وهذا جائز كما إذا بنى خانا أو سقاية أو جعل أرضه مقبرة، وشرط أن ينزله أو يشرب منه أو يدفن فيه، ولأن مقصوده القربة، وفي التصرف إلى نفسه ذلك. قال - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: نفقة الرجل على نفسه صدقة،
ــ
[البناية]
حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - حدثنا ابن عيينة عن ابن طاووس عن أبيه أخبرني حجة الدري، قال صدقة النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: يأكل منها أهلها بالمعروف. م:(والمراد منها صدقته الموقوفة) ش: بمعنى قوله كان من صدقته الموقوفة وصحة هذا المعنى على صحة هذا الحديث المذكور فلم يصح.
وقد قال الأترازي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وجه قول أبي يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ - ما رواه زيد بن ثابت - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يأكل من صدقته» ذكر الحديث شيخ الإسلام خواهر زاده في " مبسوطه ".. انتهى.
قلت: هذا لا يغني شيئًا في الاستدلال على المدعى. م:(ولا يحل الأكل منها إلا بالشرط) ش: لأن أكل الواقف لا يخلو من أحد الأمرين إلا أن يكونا شرطًا أولًا، والثاني: لا يحل بالإجماع فتعين الأول. م:(فدل على صحته) ش: أي صحة الشرط. م:(ولأن الوقف إزالة الملك إلى الله تعالى على وجه القربة على ما بيناه) ش: إشارة إلى ما ذكر عند قوله: ولا يتم الوقف عند أبي حنيفة ومحمد - رحمهما الله - حتى يجعل آخر لهجة لا تنقطع أبدًا بقوله لهما: إن موجب الوقف زوال الملك بدون التمليك، وإلى قوله لأبي يوسف أن المقصود هو المعتبر فعلم من هذا المجموع أن الوقف إزالة الملك إلى الله تعالى على وجه القربة.
م:(فإذا شرط البعض أو الكل لنفسه فقد جعل ما صار مملوكًا لله تعالى لنفسه لا أن يجعل ملك نفسه لنفسه، وهذا جائز كما إذا بنى خانًا أو سقاية أو جعل أرضه مقبرة وشرط أن ينزله) ش: أي في الخان. م:(أو يشرب منه) ش: أي من السقاية. م:(أو يدفن فيه) ش: أي في المقبرة ويذكر الضمير في الموضعين باعتبار المذكور.
م:(ولأن مقصوده) ش: أي مقصود الواقف. م:(القربة وفي التصرف إلى نفسه ذلك) ش: أي حصول التقرب. م:(قال - عَلَيْهِ السَّلَامُ -) ش: أي قال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. م:«نفقة الرجل على نفسه صدقة» ش: هذا الحديث رواه ابن ماجه من حديث المقدام بن معد يكرب عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال:«ما كسب الرجل كسبًا أطيب من عمل يده، وما أنفق الرجل على نفسه وأهله وولده وخادمه فهو له صدقة» ،