ولهذا ينعقد بالتعاطي في النفيس والخسيس وهو الصحيح لتحقق المراضاة.
ــ
[البناية]
واحترز به عن الطلاق والعتاق، فإن اللفظ فيهما يقام مقام المعنى، ولا خلاف فيه للأئمة الأربعة، وفي " الإيضاح " هذا أصل لنا في جميع العقود، إلا ما روي عن أبي حنيفة أن المفاوضة لا تنعقد إلا بلفظ المفاوضة؛ لأن هذا العقد يشتمل على معان وشروط، والعوام لا يمكنهم استيفاء ذلك حتى لو استوفى بلفظ آخر جاز.
م:(ولهذا) ش: أي ولأجل أن المعنى هو المعتبر في العقود م: (ينعقد) ش: أي البيع م: (بالتعاطي) ش: وهو أن البائع يعطي المبيع، ولا يتلفظ بشيء، والمشتري يعطي الثمن كذلك م:(في النفيس والخسيس) ش: قال الأترازي: النفيس هو الذي يكثر ثمنه كالعبد ونحوه، و [الخسيس] ما يقل ثمنه كالبقل والرمانة والخبز واللحم ونحو ذلك.
وقال الكاكي: الخسيس ما يكون قيمته دون نصاب السرقة، والنفيس ما يكون قيمته مثله أو فوقه م:(وهو الصحيح) ش: احترز به عن ما روي عن الكرخي: أن البيع بالتعاطي إنما ينعقد بالأشياء الخسيسة دون النفيسة، وعامة المشايخ لم يفرقوا بينهما والمشهور من مذهب الشافعي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أن البيع لا ينعقد بالتعاطي.
وقال مالك: ينعقد البيع بكل ما يعده الناس بيعا، وبه قال بعض أصحاب الشافعي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - م:(لتحقق المراضاة) ش: يعني من الجانبين.
وفي " الإيضاح " انعقاد البيع يكون بالألفاظ وبالتعاطي، فالألفاظ كل لفظين ينبئان عن معنى التمليك بصيغة الماضي أو الحال، دون الأمر والمستقبل، وفي جميع النوازل قال: أتبيعني عبدك بألف؟ باستفهام، فقال: نعم، فقال: أخذته، فهو بيع لازم.
وفي " شرح الإسبيجابي " لو قال: أبيع منك هذا، أو أعطيتكه، فقال: اشتريته بكذا ونوى الإيجاب للحال، ينعقد البيع.
وفي " فتاوى قاضي خان " اشتريت منك بألف، فقال: فعلت، أو نعم، أو هات الثمن، صح وإلا فلا، وكذا الإقالة، وفي المحيط: سماع المتعاقدين الإيجاب والقبول شرط للانعقاد، ولو سمع أهل المجلس وقال البائع: لم أسمعه وليس به وقر لم يصدق. ولو قال: كل هذا الطعام بدرهم لي عليك، فأكل تم البيع، وأكله حلال، والأكل والركوب واللبس بعد قول البائع بعت -رضى بالبيع، ولو قال: وهبت لك هذه الدار أو هذا العبد بثوبك هذا فبيع بالإجماع، ولو قال: إن أديت ثمنه فقد بعته منك فأداه ثمنه في المجلس صح استحسانا، ولو قال: هو لك بكذا إن وافقك، أو قال: إن أعجبك أو إن أردت، فقال: وافقني أو أعجبني، أو أردت جاز، ولو قال: وبعته من فلان غائب فحضر الغائب في المجلس وقال: