ومن اشترى ثوبا على أنه عشرة أذرع بعشرة، أو أرضا على أنها مائة ذراع بمائة فوجدها أقل، فالمشتري بالخيار إن شاء أخذها بجملة الثمن، وإن شاء ترك؛ لأن الذرع وصف في الثوب، ألا ترى أنه عبارة عن الطول والعرض
ــ
[البناية]
واعلم أن المشايخ ذكروا في الفرق بين القدر وهو الأصل، والوصف حدودا فقيل: كل ما يتعيب بالتنقيص والتشقيص فهو وصف، وما لا يتعيب بهما فهو أصل. وقيل: ما يكون وجوده جهة في تقوم نفسه وغيره، وعدمه جهة في نقصان نفسه وغيره فهو وصف، وما لا يكون بهذه المثابة فهو أصل فيخرج على هذا المكيلات والموزونات والمذروعات، فإن المكيل لا يتعيب بالتنقيص والمذروع يتعيب، والطول والعرض يزيد في قيمة نفسه وغيره، بخلاف المكيل والموزون، فإن صبرة الأقفزة إذا انتقص منها قفيز يشتري الباقي بالثمن الذي يخصه مع القفيز، والذراع الواحد إذا فات لا يشتري الباقي بالثمن الذي كان يشتري معه.
وقال الكاكي: وثمرة كون الذرع وصفا، والقدر أصلا يظهر في مواضع: منها ما ذكر في الكتاب وهو أنه إذا وجده زائدا فهو للبائع، ومنها: أنه لا يجوز للمشتري التصرف في المبيع قبل الكيل والوزن إذا اشتراه بشرط الكيل. وفي المذروع يجوز له التصرف في المبيع قبل الذرع سواء اشتراه مجازفة أو على أنه عشرة أذرع؛ لأنه لما كان وصفا لا يكره اختلاط البيع بغيره، فيجوز التصرف له قبل الذرع؛ لأن الكل له سواء نقص أو زاد، بخلاف المكيل والموزون؛ لأن الزائد أصل لا تبع، فيلزم الاختلاف، فلا يجوز التصرف قبل الكيل أو الوزن، ومنها: أن بيع الواحد للاثنين لا يجوز في المكيلات والموزونات.
وفي المذروعات يجوز؛ لأن الزيادة لما كانت أصلا وكانت شيئا يعتد به فلا يجوز بدون المساواة في الأموال الربوية، بخلاف المذروع فلم يعتبر زيادة مانعة لكونه تبعا.
م:(ومن اشترى ثوبا على أنه عشرة أذرع بعشرة أو أرضا) ش: أي أو اشترى أرضا م: (على أنها مائة ذراع بمائة فوجدها أقل، فالمشتري بالخيار إن شاء أخذها بجملة الثمن، وإن شاء ترك؛ لأن الذرع وصف في الثوب) ش: لما بينا من ظهور أمارة الوصفية، والتبعية فيه دون غيره من زيادة القوة بزيادته ونقصانه بنقصانه ولعدم تمكن أفراده من الجملة، حتى لو باع ذراعا من ثوب لم يجز؛ لأن المقصود من الثوب هو التزين واللبس لا يحصل بذراع، بخلاف القفيز من الصبرة.
م:(ألا ترى أنه عبارة عن الطول والعرض) ش: هذا توضيح لكونه بمنزلة الوصف.
فإن قيل: الاستدلال بهذا على أن الذرع وصف غير مستقيم، فإن الطول والعرض كما هو وصف فكذلك القلة والكثرة من حيث الكيل والوزن أيضا وصف، يقال شيء قليل وكثير، فلم يكن القفيز الزائد هنالك وصفا. قلنا: بل إن القلة والكثرة من حيث الكيل والوزن كان أصلا،