قال أبو حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -: يتوضأ به ولا يتيمم،
ــ
[البناية]
التمر، وجه المناسبة في ذكره هذه المسألة هاهنا هو أن له شبها خاصا بسؤر البغل والحمار على قول محمد، فإنه يقول بضم التيمم إلى الوضوء به احتياطا كما يجيء عن قريب، فلذلك قال: فإن لم يجد بالفاء فإن فيه بيان الجمع بين التيمم والسؤر وهذا أحسن من ذكره بالواو؛ لأنه لمجرد العطف بخلاف الفاء، فإنه يدل على معان مختلفة مع العطف كما ذكر في موضعه.
ثم إن النبيذ فعيل بمعنى مفعول في نبذت الشيء إذا طرحته وهو الماء الذي نبذ فيه تمرات لتخرج حلاوتها إلى الماء، وفي " النهاية" لابن الأثير: النبيذ ما يعمل من الأشربة من التمر والزبيب والعسل والحنطة والشعير وغير ذلك، يقال: نبذت التمر والعنب إذا نزلت عليه الماء ليصير نبيذا مصرف من مفعول إلى فعيل، وأنبذته إذا اتخذته نبيذا وسواء كان مسكرا أو غير مسكر فإنه يقال له: نبيذ ويقال للخمر المعتصر من العنب نبيذ كما يقال للنبيذ خمر، وقال ابن فارس في " المجمل ": نبذت الشيء أنبذه إذا ألقيته من يدك، ونبيذ التمر يلقى في الآنية ويصب عليه الماء.
قلت: هو من باب فعل بالفتح في الماضي والكسر في المضارع كضرب يضرب وكذا ذكره صاحب " الدستور "، وقال ابن سيده: النبيذ طرحك الشيء وكل طرح نبيذ، والنبيذ التمر المطروح، والنبيذ ما نبذته من عصير ونحوه، وقد نبذ وانتبذ ونبذ، وفي " الصحاح " العامة تقول: أنبذت وكذا ذكره في كتاب " الشرح " لابن درستويه، وذكر الخيالي في " نوادره " ومن خط الحافظ أنبذت لغة لكنها قليلة وذكره أيضا في كتاب فعلت وأفعلت، وفي " الجامع " للفراء وكثرة الناس يقولون: نبذت النبيذ بغير ألف. وحكى الفراء عن الرازي: أنبذت النبيذ قال: ولم أسمعها أنا من العرب، وفي " الكافي " أنبذت النبيذ لغة عامة ونبذت الشيء نبذا شدة للمبالغة.
م:(قال أبو حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - يتوضأ به) ش: أي نبيذ التمر م: (ولا يتيمم) ش: لتعيين نبيذ التمر، وقال أبو بكر الرازي في كتابه " أحكام القرآن " عن أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - فيه ثلاث روايات، وهذه هي المشهورة، قال قاضي خان: وهي قوله الأول وهو قول زفر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. قال الرضي وقاضي خان: ذكر في كتاب الصلاة إن تيمم معه أحب إلي وروي عنه الجمع بين سؤر الحمار وبه قال محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وروى عنه نوح بن أبي مريم وأسد بن عمر والحسن أنه يتيمم ولا يتوضأ، قال قاضي خان: هو الصحيح وهو قوله الأخير، وقد رجع إليه وبه قال أبو يوسف ومالك والشافعي وأحمد - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - وغيرهم من العلماء وهو اختيار الطحاوي.
وروى الحسن والمعلى عن أبي يوسف الجمع بينهما وذكر قاضي خان ولو وجد نبيذ التمر