ولنا أن الخيار ليس إلا مشيئة وإرادة ولا يتصور انتقاله، والإرث فيما يقبل الانتقال، بخلاف خيار العيب؛ لأن المورث استحق المبيع سليما، فكذا الوارث،
فأما
ــ
[البناية]
م:(ولنا أن الخيار ليس إلا مشيئة وإرادة) ش: وكلاهما منصوبان على أنهما بدلان عن خبر ليس أي ليس الخيار شيئا إلا مشيئة وإرادة.
قال تاج الشريعة - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لأن الشاري هو الفاعل عن ملك واختيار لا عن أمر وإجبار، ومشيئة الإنسان تنقطع بموته كقدرته؛ لأنها صفته ولا تبقى بعد الموصوف م:(ولا يتصور انتقاله) ش: أي انتقال الخيار؛ لأنه ليس إلا مشيئة وإرادة، وهما عرضان والعرض لا يقبل الانتقال م:(والإرث فيما يقبل الانتقال) ش: لأنه خلافة عن المورث بنقل الأعيان إلى الوارث، هذا معقول لا معارض له من المنقول، فيكون معمولا به.
لا يقال: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من ترك مالا أو حقا فلورثته» الخيار حق فيكون لورثته؛ لأن المراد به حق قابل للانتقال له بدليل قوله:"فلورثته" الخيار، ليس كذلك فإن قيل: المالكية صفة تنقل من المورث إليه في الأعيان فهل لا يكون الخيار كذلك؟ وأجيب: بأن المنتقل هو العين، فإن قيل: المالكية ضمني فليكن خيار الشرط كذلك بأن ينتقل المبيع من المورث إلى الوارث ثم الخيار يتبعه ضمنا، وأجيب بأن الخيار ليس من لوازم البيع بل الأصل عدمه، وكم من مبيع لا خيار فيه بخلاف المملوك فإنه يستلزم مالكية مالك، وفيه نظر، فإن الكلام في البيع بشرط الخيار لا في مطلقه والخيار يلزمه والصواب أن يقال: الغرض الأصلي من نقل الأعيان ملكيتها وليس الخيار في البيع بشرط الخيار كذلك فلا يلزم من انتقال ما هو الغرض الأصلي انتقال ما ليس كذلك.
فإن قيل: القصاص ينتقل من المورث إلى الوارث بذاته من غير تعيين العين فليكن الخيار كذلك.
أجيب: بأنه ثبت للوارث ابتداء؛ لأنه شرع للتشفي والخيار يثبت بالعقد والشرط والوارث ليس بعاقد ولا شارط لا يقال: البيع بشرط الخيار غير لازم فتورث كذلك لا بطريق النقل فلا يفيد ما ذكرتم؛ لأن كلامنا مع من يقول بالنقل وما ذكرناه يدل على انتفائه، ولو التزم ملتزم ما ذكره قلنا: البيع بشرط الخيار غير لازم في حق العاقد وفي حق الوارث، والأول مسلم ولا كلام فيه، والثاني عين النزاع، هذا كله لخصه الأكمل من كلام السغناقي - رَحِمَهُ اللَّهُ - وغيره فنقلناه مثل ما نقله تكثيرا للفائدة.
م:(بخلاف خيار العيب) ش: جواب عما قاس عليه الشافعي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - م:(لأن المورث استحق المبيع سليما، فكذا الوارث) ش: لأنه قائم مقامه فكان ذلك نقلا في الأعيان م: (فأما