للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأن الجهالة بعدم الرؤية لا تفضي به إلى المنازعة؛ لأنه لو لم يوافقه يرده فصار كجهالة الوصف في المعاين المشار إليه

ــ

[البناية]

قال الدارقطني - رَحِمَهُ اللَّهُ -: هو يضع الأحاديث، وهذا باطل لا يصح؛ لأنه لم يروه غيره، وإنما يروى عن ابن سيرين - رَحِمَهُ اللَّهُ - من قوله، وقال ابن القطان - رَحِمَهُ اللَّهُ - في كتابه: والراوي عن الكردي داهر بن نوح، وهو لا يعرف، وفي المرسل أبو بكر بن أبي مريم. قال الدارقطني: ضعيف.

قلت: أما حديث أبي هريرة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فإن أبا حنيفة ومحمد -رحمهما الله- روياه بإسنادهما ذكره صاحب " المبسوط " وغيره من أصحابنا وهم ثقات، وذكر في " المبسوط ": أيضا أن ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - والحسن البصري وسلمة بن الحسين رووه مرسلا وهو حجة عندنا، والحديث الذي رواه العلماء الكبار إذا كان في طريق منها لا يترك مع أن الطعن المبهم لا يقبل، وعمل بهذا الحديث كثير من العلماء، مثل مالك وأحمد وغيرهما.

وفي " نوادر الفقهاء " لابن بنت نعيم: أجمع الصحابة - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - على جواز بيع الغائب المقدور على تسليمه وأن لمشتريه خيار الرؤية إذا رآه، فإن قيل: بيع الآبق متفق على منعه فكذا الغائب. قلنا: لم يمتنع بيع الآبق لغيبته، بل لتعذر تسليمه كالطير في الهواء والسمك في الماء، والجواب عن النهي عن بيع الغرر أنه لا يدري أيكون أم لا؟ وعلى ما لا يقدر على تسليمه كذا قال أهل اللغة.

وقال ابن حزم في " المحلى ": إذا وصف الغائب عن رد دينه وخير ملكه المشتري فأين الغرر ولم يزل المسلمون يتبايعون الضياع في البلاد البعيدة بالصفة، باع عثمان لطلحة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أرضا بالكوفة لم يرياه، فقضى جبير بن مطعم - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أن الخيار لطلحة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وما نرى للشافعي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - سلفا في منع بيع الغائب الموصوف، ولا خلاف في اللسان ما في ملك بائع ما هو عنده، وما ليس في ملكه فليس عنده، وإن كان في يده، والجواب عن حديث حكيم بن حزام أن المراد من قوله: "ما ليس عندك" عدم الملك؛ لأن تمام الحديث يدل على ذلك، وتمامه قال: «سألت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقلت: يأتيني الرجل فيسألني من البيع ما ليس عندي أبتاع له من السوق ثم أبيعه منه؟ قال: "لا تبع ما ليس عندك» هكذا رواه الترمذي وغيره، وفي رواية النسائي: أبيعه منه ثم أبتاعه له من السوق؟ فقال «لا تبع ما ليس عندك» .

م: (ولأن الجهالة بعدم الرؤية لا تفضي به إلى المنازعة؛ لأنه لو لم يوافقه يرده) ش: لأنه لو لم يوافقه بعد الرؤية يرده على بائعه بلا نزاع وإنما يفضي إلى المنازعة لو قلنا بانبرام العقد ولم نقل به م: (فصار كجهالة الوصف في المعاين المشار إليه) ش: بأن اشترى ثوبا مشارا إليه غير معلوم عدد

<<  <  ج: ص:  >  >>