للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحديث مشهور عملت به الصحابة وبمثله يزاد على الكتاب وتمسكه

ــ

[البناية]

يصح دعواه النسخ. م: (والحديث مشهور) ش: أي الحديث المذكور مشهور ثبت بطرق مختلفة شتى م: (عملت به الصحابة) ش: مثل علي بن أبي طالب وعبد الله بن عباس وعبد الله بن مسعود، وأما الذي روي عن علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه كان لا يرى بأسا بالوضوء بالنبيذ وضوء من لم يجد الماء.

وأما الذي روي عن ابن مسعود فظاهر، وعن عكرمة: النبيذ وضوء من لم يجد الماء، وقال إسحاق: حلو أحب إلي من التيمم وجمعهما أحب إلي، ولهذا الذي ذكرنا، غير أن الحديث ورد مورد الشهرة والاستفاضة حتى عمل به الصحابة وتلقوه بالقبول. فصار موجبا علما استدلاليا كخبر المعراج والقدر خيره وشره من الله تعالى وأخبار الرواية والشفاعة وغير ذلك مما كان الراوي في الأصل واحدا ثم اشتهر وتلقاه العلماء بالقبول وهذا معنى قول المصنف والحديث مشهور. وقال صاحب " الدراية ": وفي كون الحديث مشهورا تأمل.

قلت: ليس التأمل إلا في قول من يقول: إنه غير مشهور، أفلا يكفي شهرته عمل هؤلاء الكبار من الصحابة، وهم أئمة كبار ونبلاء الصحابة فكان قولهم معمولا به؟

م: (وبمثله) ش: أي بمثل هذا الحديث (يزاد على الكتاب وتمسكه) ش: أي وتمسك هذا الحديث مبني على الكتاب كما في المطلقة ثلاثا فإنه يراد الدخول عليه بالحديث المشهور، وقال السروجي: فيه نظر كبير؛ لأن المشهور عندنا ما تلقته الأئمة بالقبول وعملت به.

وقال البزدوي: ما كان من الآحاد ثم انتشر بنقل قوم لا يمكن تواطؤهم على الكذب، وهذا الحديث إن عمل به واحد واثنان من الصحابة لم يعمل به الباقون فكيف يكون مشهورا.

قلت: قال شيخ الإسلام: شرط كون الخبر مشهورا أن يكون آحادا في الأصل بأن يكون الراوي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من مرتبة الآحاد متواتر النقل بأن ينقله في القرن الثاني وما بعده قوم لا يتوهم تواطؤهم على الكذب.

وهذا الحديث كذلك ويعرف بالتأمل ويؤيد ذلك ما روي من فتاوى نجباء الصحابة في زمان أشد فيه باب الوحي. وقال أبو بكر الرازي في " أحكام القرآن ": يستدل بقوله تعالى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة: ٦] (المائدة: الآية ٦) على جواز الوضوء بنبيذ التمر من وجهين: أحدهما: بقوله: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة: ٦] عموم في جميع المائعات؛ لأنه يسمى غاسلا بها إلا ما قام الدليل فيه، ونبيذ التمر ما شمله العموم.

الثاني: قوله: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [النساء: ٤٣] (المائدة: الآية ٦) ، فإن ما أباح إلا عند عدم كل جزء من الماء لأنه لفظ منكر يتناول كل جزء منه سواء كان مخالطا بغيره أو منفردا بنفسه ولا يمنع

<<  <  ج: ص:  >  >>