للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يجوز التوضؤ بما سواه من الأنبذة جريا على قضية القياس.

ــ

[البناية]

كان أو مرا أو مسكرا، قال: وهو الأصح لأن المتنازع فيه المطبوخ الذي زال عنه اسم الماء بالحديث.

وقال الكرخي: وهو المطبوخ وأدنى طبخه يجوز الوضوء به حلوا كان أو مسكرا إلا عند محمد في المسكر. وقال أبو طاهر الدباس: لا يجوز، قال في " المحيط ": وهو الأصح كمرق الباقلاء، وقال المرغيناني والأسبيجابي: منع محمد على أبي يوسف في الزيادات فقال: يجوز التوضؤ به بسؤر الحمار، ولم يرو فيه أثرا ويمنع بنبيذ التمر، وقد ورد فيه الأثر.

قلت: ناقض المصنف كلامه الذي في باب الماء الذي يجوز به الوضوء فإنه قال هناك: وإن تغير بالطبخ بعدما خلط به غيره لا يجوز التوضؤ به لأنه لم يبق في معنى المنزل من السماء إذ النار غيرته.

م: (ولا يجوز التوضؤ بما سواه من الأنبذة) ش: أي بما سوى نبيذ التمر كنبيذ الزبيب والتين والحنطة والذرة ونحوها هذا عند عامة العلماء. وقال الأوزاعي: يجوز التوضؤ بالأنبذة كلها حلوا كان أو غير حلو، مسكرا أو غير مسكر، نيئا كان أو مطبوخا إلا الخمر خاصة. وقال ابن أبي ليلى: يجوز التوضؤ بماء العنب إذا لم يكن مشتدا كما في التمر.

م: (جريا على قضية القياس) ش: لأن القياس كان يقتضي أن لا يجوز استعمال النبيذ في إزالة الأحداث ولكنه خص بالأثر على خلاف القياس، فيقتصر على مورد النص ويبقى الباقي على موجبه؛ ولأنه في الحديث علل باسمه وصفته فقال: «تمرة طيبة» وهو من العلل القاصرة، فلما لم يوجد في غيره لم يجز غيره.

قلت: ينبغي أن يجوز التوضؤ بسائر الأنبذة كما قاله الأوزاعي إما بدلالة الأنبذة بالنص، وإما أنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نبه على العلة حيث قال: «تمرة طيبة» وهذا المعنى موجود في نبيذ الزبيب وغيره، فصار كالهرة الطائفة على العلة فيها بقوله: «فإنها من الطوافين والطوافات» قيس عليها سائر سواكن البيوت لوجود المعنى.

فإن قلت: جريا منصوب بماذا. قلت: الجري مصدر من جرى الماء وغيره لازم والمتعدي أجري وانتصابه على التعليل أي لأجل الجري على قضية القياس، ويجوز أن جريا بمعنى جاريا ويكون منصوبا على الحال والتقدير في الأول: عدم جواز التوضؤ بما سواه من الأنبذة لأجل الجري على قضية القياس، وفي الثاني: حالة كونه جاريا على قصية القياس.

<<  <  ج: ص:  >  >>