والغرر المنهي عنه غرر انفساخ العقد، والحديث معمول به، عملا بدلائل الجواز والإجارة. قيل على هذا الخلاف، ولو علم في المعقود عليه في الإجارة المنافع وهلاكها غير نادر. قال ومن
ــ
[البناية]
فإن قيل: يتوهم انفساخ العقد بالرد بالعيب، وذلك غير نادر، قلنا: لا يتوهم الانفساخ بالرد حتى جاز البيع فيه قبل القبض، لأنه على تقدير جواز البيع قبل القبض يصير ملكا للمشتري، وحينئذ لا يملك المشتري الأول الرد بالعيب فلا يتوهم الانفساخ فيه بالرد حينئذ، كذا في " الفوائد الظهيرية ".
م:(والغرر المنهي عنه غرر انفساخ العقد) ش: هذا جواب عما يقال: كيف قلت: ولا غرر فيه لأن الهلاك في العقار نادر، والغرر موجود أيضا بعقد القبض بظهور الاستحقاق فأجاب بقوله: والغرر المنهي عنه في الحديث غرر انفساخ العقد الأول م: (والحديث) ش: أي الحديث المذكور م: (معمول به) ش: أي بغرر انفساخ العقد فيما قبل القبض بهلاك المعقود عليه فيكون مخصوصا بالمنقول، ألا ترى أنه يجوز الإعتاق قبل القبض والوصية قبله م:(عملا بدلائل الجواز) ش: أي جواز البيع من الكتاب والسنة والإجماع.
أما الكتاب فقوله تعالى:{وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا}[البقرة: ٢٧٥](البقرة: الآية ٢٧٥) ، وأما السنة فقوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «يا معشر التجار إن البيع يحضره اللغو والحلف فشوبوه بالصدقة» هكذا ذكره الأترازي - رَحِمَهُ اللَّهُ - في شرحه، ثم قال: رواه في السنن قيس بن غرزة.
قلت: الحديث أخرجه أصحاب السنن الأربعة، ولفظه فيما ذكره الترمذي:
حدثنا هناد، ثنا أبو بكر بن عباس، عن عاصم، عن أبي وائل، «عن قيس بن غرزة قال خرج علينا رسول الله صلى الله عيه وسلم ونحن نسمى السماسرة فقال:"يا معشر التجار إن الشيطان والإثم يحضران البيع فشوبوا بيعكم بالصدقة» ثم قال الترمذي: حديث حسن صحيح.
وقيس بن غرزة، بفتح الغين المعجمة، والراء ثم الزاي، غفاري نزل الكوفة ومات بها.
وأما الإجماع فإن النبي صلى الله عيه وسلم بعث والناس يتبايعون فلم ينكرهم على ذلك بل قررهم عليه، وقد انعقد إجماع الأمة على ذلك م:(والإجارة) ش: جواب عن قياس محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - صورة النزاع على الإجارة وتقريره أنها لا تصلح مقيسا عليها، لأنها على الاختلاف وهو معنى قوله: م: (قيل على هذا الخلاف ولو علم في المعقود عليه في الإجارة المنافع وهلاكها غير نادر) ش: يعني عند أبي حنيفة وأبي يوسف - رحمهما الله - إجارة العقار قبل القبض جائزة.
وقال في " الإيضاح ": ما لا يجوز بيعه قبل القبض لا يجوز إجارته، لأن صحة الإجارة