والمعيار يسوي الذات، والجنسية تسوي المعنى، فيظهر الفضل على ذلك فيتحقق الربا؛ لأن الربا هو الفضل المستحق لأحد المتعاقدين في المعاوضة الخالي عن عوض شرط فيه، ولا يعتبر الوصف لأنه لا يعد تفاوتا عرفا، أو لأن في اعتباره سد باب البياعات أو لقوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «جيدها ورديئها سواء» ،
ــ
[البناية]
م:(والمعيار يسوي الذات) ش: قال الجوهري: المعيار من عايرت المكاييل والموازين عيارا وعارت بمعنى، ومعنى المعيار يسوى الذات أي الصورة، فإن كيلا من البر مماثل كيلا من الذرة من حيث الصورة دون المعنى لعدم الجنسية م:(والجنسية تسوي المعنى) ش: فإن كيلا من بر يساوي كيلا من بر من حيث الصورة والمعنى، أما صورة فظاهر وأما معنى فللجنسية.
والقفيز من الحنطة يساوي القفيز من الشعير من حيث الصورة والمعنى، فإذا كان كذلك م:(فيظهر الفضل على ذلك) ش: أي على التساوي من حيث الصورة والمعنى م: (فيتحقق الربا، لأن الربا هو الفضل المستحق لأحد المتعاقدين في المعاوضة الخالي عن عوض شرط فيه) ش: قوله الخالي صفة للفضل، قوله: فيه أي في العقد م: (ولا يعتبر الوصف) ش: هذا جواب عما يقال إذا كانت المماثلة شرطا على ما قلتم، فكيف أهدر التفاوت في الوصف وهو الجودة في أحد البدلين دون الآخر، فأجاب بقوله: ولا يعتبر الوصف أي وصف الجودة والرداءة م: (لأنه) ش: أي لأن الوصف م: (لا يعد تفاوتا عرفا) ش: أي من حيث العرف فإن الناس لا يعدون التفاوت فيه معتبر العلة، ولهذا تصرف الأموال بالعدد دون الوصف فيقال: له مائة درهم أو دينار من غير اعتبار التفاوت بين الجيد والرديء، قال الأكمل - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وفيه تأمل؛ لأنه لو كان كذلك لما تفاضلا في القيمة في العرف، انتهى.
قلت: الكلام فيه من حيث الوصف لا من حيث الذات، والتفاضل في القيمة يرجع إلى الذات م:(أو لأن في اعتباره) ش: أي في اعتبار التفاوت في الوصف م: (سد باب البياعات) ش: في هذه الأشياء، وهو مفتوح لأن بيع هذه الأشياء لا يجوز متفاضلا ولا مجازفة فلم يبق إلا حالة التساوي، ولو اعتبر المساواة في الوصف تسد بياعات هذه الأشياء بجنسها لأن الحنطة لا تكون مثل حنطة أخرى في الوصف لا محالة، والبياعات بكسر الباء جمع بياعة، وإنما جمعوا المصدر على تأويل الأنواع م:(أو لقوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ -) ش: أي ولا يعتبر الوصف لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: م: «جيدها ورديئها سواء» .