ولأنه إذا لم يقبض في المجلس يتعاقب القبض، وللنقد مزية فتتحقق شبهة الربا. ولنا أنه مبيع متعين فلا يشترط فيه القبض كالثوب، وهذا لأن الفائدة المطلوبة إنما هو التمكن من التصرف، ويترتب ذلك على التعيين، بخلاف الصرف لأن القبض فيه ليتعين به، ومعنى قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «يدا بيد عينا بعين» كذا رواه عبادة بن الصامت.
ــ
[البناية]
بسواء م:(ولأنه إذا لم يقبض في المجلس يتعاقب القبض وللنقد مزية) ش: على غيرها م: (فتتحقق شبهة الربا) ش: وهي كالحقيقة في باب الربا.
م:(ولنا أنه) ش: أن ما سوى عقد الصرف مما يجري فيه الربا م: (مبيع متعين) ش: وكل ما هو متعين قد تعين بالتعيين م: (فلا يشترط فيه القبض كالثوب) ش: والعبد والدابة وغيرها م: (وهذا) ش: أي عدم اشتراط القبض فيما يتعين م: (لأن الفائدة المطلوبة) ش: بالعقد م: (إنما هو التمكن من التصرف ويترتب ذلك على التعيين) ش: فلا يحتاج إلى القبض م: (بخلاف الصرف) ش: جواب عما يقال: لو كان الأمر كما قلتم لما وجب القبض في الصرف؟ فأجاب بقوله: بخلاف الصرف حيث يشترط فيه القبض م: (لأن القبض فيه) ش: أي في الصرف م: (ليتعين به) ش: أي بالقبض لأن النقود لا تتعين.
م: ومعنى قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) ش: هذا جواب عن استدلال الخصم بالحديث، أي معنى قول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - م:«يدا بيد عينا بعين» ش: تقريره أن المعنى إذا كان عينا بعين يعني معينا بعين يدل على أن المراد منه التعيين، إلا أن التعيين في الصرف لا يتحقق قبل التقابض فلأجل هذا اشترط التقابض.
م:(كذا رواه) ش: أي كذا روى عينا بعين م: (عبادة بن الصامت) ش: حاصله أن الروايتين أعني يدا بيد وعينا بعين كلتيهما وقعتا في حديث عبادة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - غير أن رواية عينا بعين وقعت في رواية مسلم عنه وقد مضى كما ينبغي، ثم اشتراط التعيين والتقابض جميعا المدلول عليهما بالروايتين منتف بالإجماع المركب، أما عندنا فلأن الشرط هو التعيين لا القبض، وأما عند الشافعي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فبالعكس فحينئذ لا بد من حمل أحدهما على الآخر.
وقوله: يدا بيد يحتمل أن يكون المراد به القبض لأن اليد آلته، ويحتمل أن يكون المراد التعيين لأنه إنما يكون بالإشارة باليد.
وقوله: عينا بعين محكم لا يحتمل غيره فيحمل المحتمل على الحكم.
فإن قيل: يلزمكم على هذا العمل بعموم المشترك أو الجمع بين الحقيقة والمجاز لأنكم جعلتم يدا بيد بمعنى القبض في الصرف، وبمعنى التعيين في بيع الطعام.
قلنا: لا نسلم ذلك لأن المراد في كلتا الصورتين التعيين، إلا أن التعيين في كل موضع