وهذا إذا كانا نقدين، فإن كانت الحنطة نسيئة جاز أيضا، وإن كان الخبز نسيئة يجوز عند أبي يوسف وعليه الفتوى، وكذا السلم في الخبز جائز في الصحيح، ولا خير في استقراضه عددا أو وزنا عند أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ - لأنه يتفاوت بالخبز والخباز والتنور والتقدم والتأخر.
ــ
[البناية]
فيجوز الواحد بالاثنين وإن كان كثيرا لا يجوز.
وقال الشافعي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: لا يجوز بيع الخبز بالخبز إذا كانا رطبين أو أحدهما. وقال أحمد: يجوز متماثلا إذا كانا رطبين، ولو كانا يابسين غير مدقوقين ففيه قولان: أحدهما: يجوز، والآخر: لا يجوز، ولو كانا يابسين غير مدقوقين لا يجوز لجهالة التماثل، كما لو كانا رطبين أو أحدهما.
م:(وهذا) ش: أي جواز بيع الخبز بالحنطة أو بالدقيق م: (إذا كانا نقدين، فإن كانت الحنطة نسيئة جاز أيضا، وإن كان الخبز نسيئة يجوز عند أبي يوسف، وعليه الفتوى) ش: أي على قول أبي يوسف لا يجوز السلم في الخبز فيجوز عنده كيفما كان. وذكر خواهر زاده - رَحِمَهُ اللَّهُ - يجب أن يفتي على قول أبي يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ - لا محالة م:(وكذا السلم في الخبز جائز في الصحيح) ش: وهو قول أبي يوسف - رَحِمَهُ اللَّهُ - واحترز به عن قولهما كذا قاله الأترازي.
وقال الكاكي: احترز به بقوله في الصحيح عن ما روي عن أبي حنيفة أنه لا يجوز، وفي " المبسوط ": وأما السلم في الخبز فلا يجوز عند أبي حنيفة ولا يحفظ عنهما خلاف ذلك. ومن أصحابنا من يقول: يجوز عندهما على قياس السلم في اللحم، ومنهم من يقول: لا يجوز لأنه لا يوقف على حدة مضيا، وأنه يتفاوت بالعجز والنضج عند الخبز.
م:(ولا خير في استقراضه عددا) ش: أي لا يجوز استقراض الخبز من حيث العدد م: (أو وزنا) ش: أي أو استقراضه من حيث الوزن م: (عند أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللَّهُ -؛ لأنه) ش: أي لأن الخبز بالضم م: يتفاوت بالخبز) ش: بالفتح من حيث الطول والعرض والغلظ والرقة م: (والخباز) ش: أي ويتفاوت أيضا بالخباز، لأن الخباز إذا كان حاذقا في هذا الباب يجيء خبزه أحسن ما يكون، وإلا فلا يجيء كما هو المطلوب م:(والتنور) ش: أي ويتفاوت أيضا بالتنور؛ لأنه إذا كان جديدا يجيء خبزه جيدا، بخلاف ما إذا كان عتيقا، كذا قاله الشراح.
قلت: بحسب قوة نار التنور وضعفها، فإن التنور إذا كانت ناره قوية يحترق وجه الخبز ولا ينضج لبابه، وإذا كانت ضعيفة لا يتخبز جيدا، بل ينبغي أن تكون النار معتدلة م:(والتقدم والتأخر) ش: أي ويتفاوت أيضا بحسب تقدم الخبز في أول التنور وتأخره إلى آخر التنور.
فإن في آخر التنور النار قوية يحترق الخبز بذلك، وفي أوله: لا ينضج كما ينبغي، والخباز إذا كان حاذقا يدري كيف يرفض الخبز فيه.