التصرف النافع) ش: وقيل قوله: وكيف لا إلى آخره جواب عما يقال القدرة بالملك أو بالإذن ولم يوجد، فأجاب عن ذلك منكرا بقوله: وكيف لا إلى آخره.
فإن قيل: لو كان الإذن ثابتا دلالة فيما هو نافع يكون الرضا من المالك متحققا دلالة، فينبغي أن لا يثبت له الخيار.
قلنا: الإذن ثابت دلالة فيما هو نافع لا فيما هو ضار، وفي الانعقاد نفع فيثبت من وجه في انعقاده بغير اختياره ضرر فلا يثبت الإذن في حقه فلذلك يخير.
والجواب عن حديث حكيم بن حزام الذي استدل به الشافعي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وهو نهيه - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عن بيع ما ليس عنده لأن مطلق النهي يوجب فساد النهي عنه أنه كان يبيعه ثم يشتريه ويزيد تسليمه بحكم ذلك العقد.
والدليل عليه أن قال: «يا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إن الرجل يأتيني فيطلب مني سلعة ليست عندي فأبيعها منه ثم أدخل السوق فأشتريها فأسلمها، فقال - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - "لا تبع ما ليس عندك» .
وقال الأترازي في استدلال أصحابنا: ولنا ما روى أصحابنا في كتبهم " كالأسرار " وغيره في «حديث عروة البارقي أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أعطى له دينارا يشتري به أضحية، فاشترى شاتين، فباع إحداهما بدينار وجاء بالشاة والدينار الآخر إلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وأخبره بذلك فقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "بارك الله في صفقتك، فأما الشاة فضح بها وأما الدينار فتصدق به» فقد باع ما اشترى له - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بغير أمره. وأجاز - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بيعه، ثم قال: وفي كتب الحديث وإن عروة البارقي وحكيم بن حزام يعني روى الحديث عن الاثنين.
قلت: أما حديث عروة البارقي فرواه الترمذي: حدثنا أحمد بن سعيد الدارمي ثنا حبان ثنا هارون بن موسى ثنا الزبير بن الحر عن أبي لبيد «عن عروة البارقي قال دفع إلي رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دينارا لأشتري له شاة فاشتريت له شاتين، فبعت أحدهما بدينار وجئت بالشاة والدينار إلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فذكر له ما كان من أمره فقال:"بارك الله لك في صفقة يمينك"، فكان يخرج بعد ذلك إلى كناسة الكوفة فيربح الربح العظيم فكان من أكثر أهل الكوفة مالا» . وأخرجه ابن ماجه عن أحمد بن سعيد.
وأما حديث حكيم بن حزام فرواه الترمذي أيضا حدثنا أبو كريب حدثنا أبو بكر بن عياش عن أبي حصين عن حبيب بن أبي ثابت «عن حكيم بن حزام أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعث حكيم بن حزام يشتري له أضحية بدينار قال فاشترى أضحية فربح فيها دينارا فاشترى أخرى مكانها فجاء