وعن محمد في " النوادر " رجل يرى التيمم إلى الرسغ والوتر ركعة، ثم رأى التيمم إلى المرفقين والوتر ثلاثاً لا يعيد ما صلى؛ لأنه مجتهد فيه، وإن كان فعل ذلك من غير أن يسأل أحداً ثم سأل فأمر بالثلاث في الوتر وإلى المرفقين في التيمم يعيد ما صلى؛ لأنه غير مجتهد فيه.
م:(بقدر ما يتناثر التراب كيلا يصير مثلة) ش: الباء في " بقدر " متعلق بقوله ينفض، وأشار بذلك إلى أن النفض لا يقدر بمرة كما روي عن محمد، بل إن احتاج إلى الثاني فعل، وإلا بمرتين كما روي عن أبي يوسف، بل إن تناثر بمرة لا يحتاج إلى الثاني؛ لأن المقصود هو أن لا يصير مثلة وهو يحصل بالنفض سواء كان مرة أو مرتين، و " المثلة " بضم الميم ما يتمثل منه في تبديل خلقه وبتغير هيئته، سواء كان بقطع عضو أو تسويد وجه وتغيره، هكذا فسره الأكمل أخذه من " الدراية ". وقال تاج الشريعة: المثلة ما يتمثل فيه في القبح. قال الأترازي نحوه، وزاد: وأصلها قطع الأعضاء ويريد الوجه.
قلت: المثلة: اسم لمصدر المثل بفتح الميم وسكون الثاء، يقال مثلت بالحيوان أمثل مثلاً: إذا قطعت أطرافه وشوهت به، ومثلت بالعبد إذا جدعت أنفه أو أذنه أو مذاكيره أو شيئاً من أطرافه، وهو من باب نصر ينصر، والعجب من صاحب " الهداية " أنه جعل ترك النفض مثلة، وهذا من حيث اللغة لا من حيث الشرع، لعدم وروده هكذا، ولا يصير مثلة إذا ترك النفض.
غاية ما في الباب تلوث وجهه بالتراب إن أخذه بيديه كثيراً وكان التراب رطباً، وتلوث عضو من الأعضاء بالتراب لا يسمى مثلة. قال الأترازي: تسويد الوجه ليس له فضل في المعنى اللغوي، نعم إذا سود الوجه يكون تشويها ربما يشابه المثلة، ولو قال صاحب " الهداية ": وينفض يديه اتباعاً للسنة لكان أولى، لو أراد أن يذكر الحكمة فيه لكان يمكن أن يقال: إنه - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فعل ذلك حتى لا ينقل أثر التراب المستعمل في يديه في الضربة الأولى.
م:(ولا بد من الاستيعاب) ش: أشار به يستوعب وجهه ويديه إلى المرفقين، وأصله استوعاب، قلبت الواو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها، وأصل الاستيعاب شرط في التيمم حتى إذا ترك شيئاً قليلاً لم يجزه كما في الوضوء، والاستيعاب أن يستوعب وجهه ويديه إلى المرفقين، وأصل الاستيعاب الإيصال في كل شيء، وكذلك الإيعاب من أوعب، والثلاثي وعب، وفي الحديث عن عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - «كان المسلمون يوعبون في السفر مع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» أي يخرجون أجمعهم في الغزو.
م:(في ظاهر الرواية) ش: واحترز به عما رواه الحسن عن أبي حنيفة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: