لأنه يصير معلوما ببيان الجنس والسن والنوع والصفة والتفاوت بعد ذلك يسير فأشبه الثياب. ولنا أن بعد ذكر ما ذكر يبقى فيه تفاوت فاحش في المالية باعتبار المعاني الباطنة فيفضي إلى المنازعة، بخلاف الثياب؛ لأنه مصنوع العباد، فقلما يتفاوت الثوبان إذا نسجا على منوال واحد،
ــ
[البناية]
ولمعاد الحيوان المطلق بلا صفة، فيجوز بالاتفاق.
قلت: الخلفة بفتح الخاء المعجمة وكسر اللام وبالفاء الحامل من النوق، ويجمع على خلفات وخلائف، وقد خلفت إذا حملت، وأخلفت إذا حالت م:(لأنه) ش: أي لأن الحيوان م: (يصير معلوما ببيان الجنس) ش: بأن قال إبل م: (والسن) ش: بأن قال: بنت مخاض أو جذع أو ثني م: (والنوع) ش: بأن قال بختي أو عربي م: (والصفة) ش: بأن قال: سمين أو هزال، يعني يضبط ماليته بهذه الأربعة، والموصوف بمنزلة المرئي م:(والتفاوت بعد ذلك) ش: أي بعد بيان هذه الأربعة م: (يسير) ش: لقلته م: (فأشبه الثياب) ش: في الجواز، وقد ثبت «أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمر عمرو بن العاص أن يشتري بعيرا ببعيرين في تجهيز الجيش إلى أجل، وأنه - عَلَيْهِ السَّلَامُ - استقرض بكرا وقضاه رباعيا» والسلم أقرب إلى الجواز من الاستقراض.
م:(ولنا أن بعد ذكر ما ذكر) ش: أي من الجنس والسن والنوع والصفة م: (يبقى فيه تفاوت فاحش في المالية باعتبار المعاني الباطنة) ش: كالصباحة والملاحة والخلق الحسن والذهن والكياسة وحسن الشهرة والهملجة في الدواب وهي معنى سهل وشدة العدو، فإنك ترى عبدين متفقين في الأوصاف المذكورة مع ذلك يساوي أحدهما ألفا والآخر ألفين، قال الشاعر:
الأدب فردا يعدل الألف زائدا ... وألف تراهم لا يساوون واحدا
وهذه معاني لا تضبط بالوصف، فبقي جهالة م:(فيفضي إلى المنازعة) ش: فلا يجوز م: (بخلاف الثياب) ش: جوابا عن قياس الشافعي السلم في الحيوان على القياس في الثياب فأجاب بأن هذا القياس غير صحيح م: (لأنه) ش: أي لأن الثياب، وتذكير الضمير باعتبار المذكور م:(مصنوع العباد فقلما يتفاوت الثوبان إذا نسجا على منوال واحد) ش: لأن العبد إنما يصنع بآلة، فإذا اتحد الصانع والآلة اتحد المصنوع، ولا يتفاوت في المالية إلا يسيرا، ولا يعتبر بذلك القدر والحيوان صنع الله تعالى.
وذلك يكون على ما يريده تعالى، فقد كان على وجه لا يوجد له نظير، وفي مثله لا يجوز السلم بالاتفاق.