للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأنه شرع رخصة دفعا لحاجة المفاليس فلا بد من الأجل ليقدر على التحصيل فيه فيسلم، ولو كان قادرا على التسليم لم يوجد المرخص فبقي على النافي.

ــ

[البناية]

فيه هناك. وقد شرط رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الأجل كما ترى.

فإن قيل: معناه من أراد سلما مؤجلا فليسلم إلى أجل معلوم، وبه نقول، والحصر ممنوع، وحينئذ لم يبق مفيدا فيحمل عليه المطلق، والدليل على ذلك قوله: في كيل معلوم ووزن معلوم فإنه لا يجوز اجتماع الكيل والوزن في شيء واحد، فكان معناه في كيل معلوم إن كان كيليا، ووزن معلوم إن كان وزنيا فيقدر إلى أجل معلوم إن كان مؤجلا.

فالجواب: أن قضية العقد كفت مؤنة التمييز، فلا حاجة إلى التقدير؛ لأنه خلاف الأصل سلمناه، ولكن لا يلزم من تحمل المحذور لضرورة تحمله ولا لضرورة في التقدير في الأجل لا يقال العمل بالدليلين ضرورة فيتحمل التقدير لأجله، لأن قوله: رخص في السلم يدل على جوازه بطريق الرخصة وهي إنما تكون لضرورة ولا ضرورة في السلم الحال، على أن سوق الكلام لبيان شروط السلم لا لبيان الأجل فليتأمل.

م: (ولأنه) ش: أي ولأن السلم م: (شرع رخصة دفعا لحاجة المفاليس فلا بد من الأجل ليقدر) ش: أي المسلم إليه م: (على التحصيل) ش: أي تحصيل المسلم فيه م: (فيه) ش: أي فيه الأجل الذي عيناه ليحصل م: (فيسلم) ش: أي المسلم فيه م: (ولو كان قادرا على التسليم) ش: في الحال لم يوجد المرخص، لأن الرخصة شرعت لعذر مع قيام المانع وهو بيع المعدوم والعذر هو العجز عن التسليم، ولو قدر على تسليمه م: (لم يوجد المرخص) ش: فيه وهو عجز المسلم إليه م: (فبقي على النافي) ش: وهو قوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «لا تبع ما ليس عندك» .

فإن قيل: لو كانت شرعية السلم دفعا لحاجة المفاليس لكان اختص بحالة الإفلاس؛ لأنه ثبت على خلاف القياس فيقتصر عليه وليس كذلك، ألا ترى أنه يجوز بيع الحنطة سلما وعنده أكرار حنطة.

قلنا: إن الشيء لا يباع سلما إلا بأدنى الثمنين والتاجر لا يبيع إلا للربح، فذاك البيع بأدنى التمييز على أنه لا يبيع إلا للعجز عن الربح ولا عجز إلا بأن يجعل ما عنده مستغرقا لحاجته، ولأن حقيقة العدم أمر باطني لا يمكن الوقوف عليه حقيقة، والشرع بنى هذه الرخصة على العدم، فيبني على السبب الظاهر الدال على العدم ليمكننا تعليق الحكم به والبيع بالخسران دليل العدم. والجواب عن الحديث الذي استدل به الشافعي أنه يدل على جواز السلم بطريق الرخصة والضرورة، ونحن نقول به، ولكن لا ضرورة في سلم الحال لأنه إن كان قادرا انتفت الضرورة وإن لم يكن قادرا انتفى الغرض والمقصود.

<<  <  ج: ص:  >  >>