ولأنه لا يزاحمه مكان آخر فيه، فيصير نظير أول أوقات الإمكان في الأوامر، وصار كالقرض والغصب. ولأبي حنيفة أن التسليم غير واجب في الحال فلا يتعين، بخلاف القرض والغصب، وإذا لم يتعين فالجهالة فيه تفضي إلى المنازعة؛ لأن قيم الأشياء تختلف باختلاف المكان، فلا بد من البيان، فصار كجهالة الصفة،
ــ
[البناية]
مكان العقد، وما كان كذلك يتعين كما في بيع الحنطة بعينها، فإن التسليم يجب في موضع العقد م:(ولأنه) ش: أي ولأن مكان العقد م: (لا يزاحمه مكان آخر فيه) ش: لعدم ما يوجبه ما هو كذلك م: (فيصير نظير أول أوقات الإمكان في الأوامر) ش: لأن الجزء الأول يتعين للسببية لعدم ما يزاحمه، وهذا على قول الكرخي في الأمر المطلق، فإنه يتعين وجوب الأداء في أول أوقات المكنة عند م:(وصار كالقرض والغصب) ش: فإنه يتعين مكان القرض والغصب للتسليم بالإجماع. قال الأكمل - رَحِمَهُ اللَّهُ -: ونوقض بما إذا باع طعاما وهو في السواد.
فإنه روي عن محمد: أن المشتري إن كان يعلم مكان الطعام فلا خيار له، وإن لم يعلم فله الخيار، ولو تعين مكان البيع للتسليم لما كان له الخيار وعورض بأن مكان العقد لو تعين لبطل العقد ببيان مكان آخر كما في بيع العين، فإن من اشترى كر حنطة وشرط على البائع الحمل إلى منزله يفسد عقده، سواء اشتراها في المصر أو خارجه بجنسه أو بخلاف جنسه.
والجواب على النقص: أن مكان البيع يتعين للتسليم إذا كان المبيع حاضرا والبيع في السلم حاضر لأنه في ذمة المسلم إليه وهو خاص في مكان العقد، فيكون المبيع حاضرا بحضوره، وفيه نظر، لأن فيه قيدا لم يذكر في التعليل، ومثله بعد انقطاعا، وعن المعارضة بأن التعيين بالدلالة، فإذا جاء صريح يخالفها يبطلها، وإنما فسد في بيع العين؛ لأنه قابل الثمن بالمبيع والحمل فيصير صفقة في صفقة.
م:(ولأبي حنيفة أن التسليم) ش: أي تسليم السلم فيه م: (غير واجب في الحال) ش: لاشتراط الأجل بالاتفاق وكل ما هو تسليمه غير واجب في الحال م: (فلا يتعين) ش: مكان العقد فيه للتسليم م: (بخلاف القرض والغصب) ش: والاستهلاك، فإن تسليمها يستحق بنفس الالتزام فيتعين موضعه م:(وإذا لم يتعين) ش: أي مكان العقد للإيفاء بقي مكان الإيفاء مجهولا م: (فالجهالة فيه تفضي إلى المنازعة؛ لأن قيم الأشياء تختلف باختلاف المكان) ش: ورب السلم يطالبه في موضع يكثر فيه الثمن والمسلم إليه يسلمه في اختلاف القيم ذلك م: (فلا بد من البيان) ش: دفعا للمنازعة م: (فصار كجهالة الصفة) ش: يعني خلال أن اختلاف الصفة في المسلم فيه تختلف القيمة، فكذلك باختلاف المكان تختلف أيضا، ثم مع جهالة الصفة لا يجوز السلم فكذلك لا يجوز مع جهالة المكان لهذا المعنى فلا بد من البيان.