والسلم وإن كان سابقا لكن قبض المسلم فيه لاحق، وأنه بمنزلة ابتداء البيع؛ لأن العين غير الدين حقيقة، وإن جعل عينه في حق حكم خاص وهو حرمة الاستبدال فيتحقق البيع بعد الشراء، وإن لم يكن سلما وكان قرضا فأمره بقبض الكر جاز؛ لأن القرض إعارة، ولهذا ينعقد بلفظ الإعارة، فكان المردود عين المأخوذ مطلقا
ــ
[البناية]
يجز للمشتري أن يتصرف حتى يعيد الكيل أو الوزن ثانيا للحديث المذكور، وهو ما رواه ابن ماجه في سننه عن جابر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال:«نهى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن بيع الطعام حتى يجري فيه الصاعان» صاع البائع وصاع المشتري، والسلم بيع بشرط الكيل فيشترط الكيل ثانيا؛ لأنه إذا كاله ثانيا ربما يزيد على قدر الكر فلا تسلم له الزيادة، فلو جاز التصرف قبل الكيل ثانيا يلزم التصرف في مال الغير وهو حرام.
م:(والسلم وإن كان سابقا) ش: هذا جواب عما يقال: بيع المسلم إليه مع رب المسلم كان سابقا على شراء المسلم إليه من بائعه، فلا يكون المسلم إليه بائعا بعد المشتري فلم تتحقق الصفقة الثانية ليدخل تحت النهي.
وتقرير الجواب: القول بموجب العلة سلمنا ذلك، ولكن السلم وإن كان سابقا على شراء المسلم إليه من بائعه م:(لكن قبض المسلم فيه لاحق) ش: في التقدير فتجتمع الصفقتان في التقدير م: (وأنه) ش: أي وأن قبض المسلم فيه م: (بمنزلة ابتداء البيع) ش: تحقيق هذا ما قاله المقبوض في مسائل السلم غير المسلم فيه حقيقة، فباعتبار هذه الحقيقة لم يكن المقبوض عين ما تناوله العقد فلا بد من طريق يجعل بذلك الطريق كأنه عين المعقود عليه، وذلك بأن يجعل عند القبض كأنهما جددا ذلك العقد على المقبوض، وإنما قال: بمنزلة ابتداء البيع، لأن المسلم فيه دين في ذمته والمقبوض عين وهو غير الدين، وهو معنى قوله م:(لأن العين غير الدين حقيقة) ش: وهو ظاهر، وقوله م:(وإن جعل) ش: كلمة إن واصلة بما قبله، أي وإن جعل الدين م:(عينه) ش: أي وإن جعل المقبوض عين الدين م: (في حق حكم خاص وهو حرمة الاستبدال) ش: لأنه لو لم يجعل في حق الاستبدال عين حقه يلزم استبدال المبيع قبل قبضه، وذا لا يجوز.
وإذا جعل الدين عين المقبوض الذي هو الدين ضرورة حرمة الاستبدال فلا يتعدى، فبقي ما وراءه كالبيع م:(فيتحقق البيع بعد الشراء) ش: أي بيع السلم إليه من رب المسلم بعد شراء المسلم إليه من بائعه بشرط الكيل، فقد اجتمعت الصفقتان فلا بد من تكرار الكيل.
م:(وإن لم يكن) ش: أي الكر م: (سلما وكان قرضا فأمره) ش: أي فأمر المستقرض القرض م: (بقبض الكر جاز، لأن القرض إعارة، ولهذا) ش: أي ولأجل كون القرض إعارة م: (ينعقد) ش: أي القرض م: (بلفظ الإعارة) ش: بأن يقول: أعرتك هذا المبلغ من الدراهم أو الدنانير، فإذا كان إعارة م:(فكان المردود عين المأخوذ) ش: أي عين المقبوض م: (مطلقا) ش: أي سواء كان في