للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي القياس لا يجوز؛ لأنه بيع المعدوم، والصحيح أنه يجوز بيعا لا عدة، والمعدوم قد يعتبر موجودا حكما، والمعقود عليه العين دون العمل، حتى لو جاء به مفروغا عنه لا من صنعته أو من صنعته قبل العقد

ــ

[البناية]

م: (وفي القياس: لا يجوز؛ لأنه بيع المعدوم) ش: وبه قال زفر والشافعي، وقد «نهى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن بيع ما ليس عند الإنسان» ورخص في السلم وهذا ليس بمسلم؛ لأنه لم يضرب له أجلا، أشار إليه بقوله: بغير أجل، وجه الاستحسان هو ما ذكره بقوله: للإجماع الثابت بالتعامل، فإن الناس في سائر الأعصار تعارفوا الاستصناع فيما فيه تعامل من غير نكير، والقياس يترك بمثله كدخول الحمام.

ولا يشكل بالمذارعة، فإن فيها للناس تعامل وهي فاسدة عند أبي حنيفة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لأن الخلاف فيها كان ثابتا في الصدر الأول دون الاستصناع.

م: (والصحيح أنه) ش: أشار به إلى أنهم اختلفوا في جواز الاستصناع هل بيع أو عدة؟ فقال: والصحيح أن الاستصناع م: (يجوز بيعا) ش: أي من حيث البيع م: (لا عدة) ش: أي لا من حيث الوعد. وقال فخر الإسلام في شرط " الجامع الصغير ": هو بيع عند عامة مشايخنا، لا مواعدة؛ لأنه سماه في الكتاب بيعا وأثبت فيه خيار الرؤية وهو يثبت في البيع لا في الوعد م: (والمعدوم قد يعتبر موجودا حكما) ش: هذا جواب عما يقال: كيف يجوز أن يكون بيعا والمعدوم لا يصلح أن يكون مبيعا، وتقرير الجواب أن المعدوم قد يعتبر حكما، أي من حيث الحكم كالناسي للتسمية عند الذبح، فإن التسمية جعلت موجودة لعذر النسيان. والطهارة للمستحاضة جعلت موجودة لعذر جواز الصلاة لئلا تتضاعف الواجبات فكذلك المستصنع المعدوم جعل موجودا حكما لتعامل الناس، وقد يكون الشيء موجودا حقيقة ويجعل معدوما حكما كالماء المستحق للعطش، حتى يجوز التيمم مع وجوده.

م: (والمعقود عليه العين) ش: هذا جواب عما يقال: إنما يصح ذلك أن لو كان المعقود عليه هو المستصنع، والمعقود عليه هو الصنع. فأجاب: بأن المعقود عليه هو العين لأن المقصود هو المستصنع م: (دون العمل) ش: وفيه نفي لقول أبي سعيد البردعي، فإنه يقول: المعقود عليه العمل، لأن الاستصناع استفعال من الصنع وهو العمل، فتسميته للمعقود به دليل على أنه هو المعقود عليه، والأديم والصرم فيه بمنزلة الآلة للعمل، ولكن الأصح أن المعقود عليه هو العين، لأن المقصود هو المستصنع فيه وذكر الصفة لبيان الوصف، والدليل عليه أن محمدا أثبت خيار الرؤية فيه، وهو إنما يكون في بيع العين، وكذا يدل عليه قول المصنف بقوله م: (حتى لو جاء به مفروغا عنه) ش: أي لو جاء الصانع الذي يعمل بالمستصنع حال كونه مفروغا م: (لا من صنعته أو من صنعته) ش: أي أو جاء به حال كونه من صنعته م: (قبل العقد) ش: أي قبل عقد الاستصناع

<<  <  ج: ص:  >  >>