ولأنه منتفع به حراسة واصطيادا، فكان مالا فيجوز بيعه، بخلاف الهوام المؤذية؛ لأنه لا ينتفع بها، والحديث محمول على الابتداء
ــ
[البناية]
حضور الذئب، أو السارق فبقي العقور تحت المستثنى منه، كذا في " الأسرار ".
قلت: حديث عبد الله بن عمرو بن العاص أخرجه الطحاوي بإسناد صحيح مرسلا، حيث قال: وقد روي في ذلك عن من بعد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أي من الصحابة والتابعين، ثم قال: حديث يونس قال حدثنا ابن وهب قال سمعت ابن جريج يحدث عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو أنه قضى في كلب صيد قتله رجل بأربعين درهما، وقضى في كلب ماشية بكبش.
وأخرج ابن أبي شيبة عنه أنه قال: في كلب الصيد أربعون درهما وفي كلب الماشية شاة من الغنم، وفي كلب الحرث فرق من طعام، وفي كلب الدار فرق من تراب حق على الذي أصابه أن يعطيه، وحق على صاحب الكلب أن يقبله.
م:(ولأنه) ش: أي ولأن الكلب م: (منتفع به حراسة واصطيادا) ش: حقيقة وشرعا م: (فكان مالا فيجوز بيعه) ش: لأن المال غير الآدمي خلق لمصالح للآدمي، فيكون محلا للبيع.
فإن قيل: الكلب يمسك للانتفاع بمنافعه لا لعينه كالآدمي فإنه ينتفع بمنافعه إجارة وغيرها، ولا يدل على أن عينه مال.
قلنا: الانتفاع بمنفعة الكلب يقع تبعا لملك العين لا قصدا في المنفعة إلا أنه يورث والمنفعة وحدها لا تورث، فيجري مجرى الانتفاع بمنافع العبد والأمة والثوب، ولا يقال شعر الخنزير ينتفع به للخرز ولا يجوز بيعه، لأنا نقول: إن الخنزير محرم العين شرعا، لا يباح إمساكه لمنفعة بوجه، فيثبت الحرمة في كل جزء منه وسقطت القيمة، ثم الإباحة لضرورة الخرز لا يدل على رفع الحرمة عن أصله فيما عدا الضرورة كإباحة لحمه حال الضرورة لا يدل على صحة أكله وجواز بيعه، فأما الكلب فما ثبت فيه تحريم مطلق وإباحة للضرورة فيبقى ما وراءها على التحريم، كذا في " الأسرار ".
م:(بخلاف الهوام المؤذية) ش: من الحيات والعقارب والوزغ والقنافذ والضب وهوام الأرض جميعا م: (لأنه) ش: أي لأن المذكور من الهوام المؤذية م: (لا ينتفع بها) ش: بل هي مضرة قطعا، والهوام جمع هامة بتشديد الميم، وفي " المغرب " الهامة من الدواب ما يقتل من ذوات السموم كالعقارب والحيات م: (والحديث) ش: أي الحديث المذكور الذي استدل به الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - م:(محمول على الابتداء) ش: أي حاله ابتداء الإسلام وتقريره ما روي عن إبراهيم أنه قال: روي عن «النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه رخص في ثمن كلب الصيد» وذلك دليل على تقديم